السؤال
لقد تمت خطبتي لشاب، وتحت ضغط من أمي، وافقت، كانت أمي تربط الموضوع بحديث: (من ترضون دينه وخلقه؛ فزوجوه) أي أن رفضه يكون خطأ، وافقت رغم أنه لم يعجبني لقصره، ولا أشعر برجولته، والأمان معه مثل باقي الرجال لصغر شكله جدا، يكاد يكون في ال 18 وهو في ال 26.
توكلت على الله، وتم عقد قراني، وفي وقت قصير تحدد موعد الفرح، لكن الآن وقد اقترب موعد الزفاف، أصابني تردد شديد، وأحسست أني اقترفت خطأ كبيرا، ولا يمكنني التراجع عنه، واختل توكلي على الله، وأصبحت أشعر أنني لم أتوكل من البداية حق التوكل، ولم أدع دعاء كافيا، كي يستجيب الله لي، ولا أعلم هل هو قدري أم خطئي!!!
وهل يجوز أن أدعو الله أن يقدر لي من حكمته، وتصريفه للأمور بحكمته، أن يصرف الأمر عني؟
وكيف أعيد علاقتي مع ربي؛ لأني كنت قريبة جدا منه، وأدعوه بشكل مستمر بدعوات لم يستجب لي فيها مثل شريك حياتي، حيث تمنيت أن يكون طويلا، وكان مهما عندي، ولكن أحس أني لم أعد أدعو مرة أخرى، خصوصا وأنه لا يمكنني دعوة هذه الدعوة مجددا، أصبحت أصلي بلا إحساس، وقرب من الله.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فينبغي على ولي الفتاة، إذا تقدم إليها كفؤها، أن يبادر بتزويجها؛ عملا بوصية النبي صلى الله عليه وسلم: إذا أتاكم من ترضون خلقه، ودينه فزوجوه. إلا تفعلوا، تكن فتنة في الأرض، وفساد عريض. رواه ابن ماجه والترمذي.
لكن هذا الأمر للندب وليس للوجوب، فلا يأثم الولي، ولا المرأة برد الخاطب ولو كان صاحب دين، وخلق.
قال المناوي -رحمه الله- في شرح هذا الحديث: فزوجوه إياها، ندبا مؤكدا. التيسير بشرح الجامع الصغير.
وإذا كرهت المرأة زوجها، وخشيت ألا تقيم حدود الله معه، فلها أن تخالعه.
قال ابن قدامة-رحمه الله-: وجملة الأمر أن المرأة إذا كرهت زوجها، لخلقه، أو خلقه، أو دينه، أو كبره، أو ضعفه، أو نحو ذلك، وخشيت أن لا تؤدي حق الله تعالى في طاعته، جاز لها أن تخالعه بعوض، تفتدي به نفسها منه؛ لقول الله تعالى: {فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به} [البقرة: 229]. المغني لابن قدامة.
ولا حرج عليك في الدعاء بأن يصرف الله عنك هذا الأمر، لكن الذي ننصحك به ألا تتعجلي في مخالعة زوجك، واجتهدي في دعاء الله أن ييسر لك الخير حيث كان؛ فإن ما فيه الخير يعلمه الله، قال تعالى: وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون [البقرة : 216].
واعلمي أن الفتور عن الطاعات في بعض الأحيان، لا يسلم منه أحد، إلا من عصمه الله، و الإيمان يزيد وينقص، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لكل عمل شرة، ولكل شرة فترة. فمن كانت فترته إلى سنتي، فقد اهتدى، ومن كانت فترته إلى غير ذلك، فقد ضل. رواه البزار.
وعلاج الفتور أن يوقن العبد أنه لا حول له ولا قوة إلا بالله، ويعلم أنه لا يقدر على فعل طاعة، أو ترك معصية إلا أن يمن الله عليه بالإعانة، والتوفيق.
فعليك بالاعتصام بالله، والتضرع إليه، والحرص على الرفقة الصالحة، والبيئة الإيمانية، وتجنب صحبة السوء، وبيئة المعاصي، واللهو.
والله أعلم.