السؤال
أنا وأخواتي متزوجات، ولا نعمل، إلا أختا واحدة لنا. وطلبت أختي التي تعمل، أن تعطي لأمي مبلغا من المال، على أن تعطيها أمي نصف شقة تملكها أمي، وتكونان شريكتين في الشقة، فقالت لها أمي: اعطني المبلغ كذا، -الذي لا يساوي نصف ثمن الشقة-، وأكتب لك كل الشقة دون تفكير من أمي.
وبعد أن أعطتها أختي المال، تراجعت أمي، وقالت: هذا ليس عدلا، ونحن قد ظلمنا. وقالت لها: إما أن تأخذ أموالها وزيادة مبلغ، أو تمتلك نصف الشقة فقط. فلم ترض أختي، وقالت هذا ظلم وسرقة؛ لأني أعطيتك المال على أن أملك الشقة كلها، مع العلم أن المبلغ لا يساوي نصف ثمن الشقة، وهي أفضل ظروفا منا، حيث إنها الوحيدة من بيننا التي تعمل. هل الشقة من حقها؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالظاهر من السؤال أن أمك قد حابت أختك في بيع الشقة، والمحاباة تعتبر نوعا من الهبة، والهبة يجب فيها العدل بين الأولاد على الراجح، فلا يجوز تفضيل بعضهم دون مسوغ شرعي. وانظري الفتاوى أرقام: 154959، 45188، 167471 .
وحيث تقرر تفضيل أمك لأختك دون مبرر شرعي، فعليها أن تتدارك الأمر، إما بإعطائكن مثل ما أعطت لأختك، أو فسخ البيع إن رضيت أختك بذلك. وقد كان الواجب على أختك أن تتراجع هي أيضا عن قبول تلك المحاباة. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ولا يحل للذي فضل، أن يأخذ الفضل، بل عليه أن يقاسم إخوته في جميع المال بالعدل الذي أمر الله به. اهـ. وقال فيمن خص أحد بنيه بهبة، وأقبضه إياها: وإن أقبضه إياه، لم يجز على الصحيح أن يختص به الموهوب له، بل يكون مشتركا بينه وبين أخويه. اهـ.
وحيث أبت أختك فسخ البيع، فلا يحق لأمك فسخ العقد؛ حيث إن البيع قد انعقد صحيحا برضا الطرفين، وسبب تراجع أمك -فيما يظهر- ليس هو الغبن في الثمن حتى يثبت لها الخيار في الفسخ، وإنما هو شعورها بعدم عدلها بين أولادها، وهذا أمر خارج عن عقد البيع، ولا يتعلق به، فلا يؤثر في صحته أو لزومه، ومن ثم فيتعين على أمك أن تعطيكن مثل ما أعطت لأختكن، فإن عجزت عن ذلك، فنسأل الله تعالى أن يعفو عنها.
والله أعلم.