مسألة في الطلاق في الغضب

0 376

السؤال

أنا مصري، ومسافر إلى دولة أخرى، وتشاجرت مع زوجتي في الهاتف (أثناء وجودي خارج مصر) فقالت لي شيئا عصبني، وأغضبني، فقلت لها في نفس اللحظة: أنت طالق. ولم أستطيع أن أحكم إن كان هذا الغضب شديدا لدرجة كبيرة، والتي لا يقع معها الطلاق، أم كان متوسطا، ولكنه ليس غضبا خفيفا (عفوا أنا طبيعتي عصبي، وغيور جدا على زوجتي)
فهل يقع الطلاق؟
ورددتها بلفظ: قد أرجعتك لعصمتي (في الهاتف)، وكانت حاملا، وعدت إلى مصر بعدها بعدة شهور، وعشت معها الحياة الزوجية الطبيعية. وفي مرة أخرى (أثناء سفري خارج مصر) تناقشت مع زوجتي في الهاتف حول الذهاب إلى بيت أهلها، وكنت لا أريدها أن تذهب إلى بيت أهلها هذا اليوم، وهذا النقاش حدث وأنا في عملي، أنهيت المحادثة معها دون أن نتفق على أن تذهب أم لا؟ ولكنها ذهبت إلى بيت أهلها، فاتصلت بها بعد وصولها بحوالي ساعة، فقلت لها: أمامك نصف ساعة (أقصد نصف ساعة حتى تجهز نفسها، وتخرج من بيت أهلها) لو لم ترجعي إلى البيت، ستكونين طالقا بالثلاث، ولكنها تأخرت في تجهيز نفسها، اتصلت بها، وقلت لها بقي من نصف الساعة 4 دقائق، فقالت إنها أخذت قرار الرجوع لبيت الزوجية، وتجهز نفسها (تكمل ارتداء ملابسها) ولكنها خرجت من بيت أهلها بعد 35 أو 40 دقيقة، أي أكثر من نصف ساعة بـ 5 دقائق، أو 10 دقائق، وعادت فعلا إلى بيت الزوجية.
فهل يقع طلاق لأنها لم تلتزم بنصف الساعة؟
مرة أخرى (أثناء سفري) تشاجرت مع زوجتي في الهاتف شجارا حادا جدا، وكنت عصبيا جدا، وهي كانت عصبية جدا، فقالت لي بعد شجار طويل بيننا: إذا كنت رجلا طلقني، فقلت لها بصوت هادئ: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبغض الحلال عند الله الطلاق) لكن أنت طالق، طالق.
هل معنى أني نطقت الحديث بصوت هادئ "مع أني في البداية قلت: قال الله، وبعدها قلت: قال رسول الله، وقلت الحديث " هل معنى ذلك أن هذا غضب متوسط، يقع معه الطلاق، أم يحسب غضبا شديدا تبعا لما سبقه من شجار؟
ملاحظة: زوجتي قالت لي بعدها، إنها لم تقل: إذا كنت رجلا طلقني، بل قالت طلقني، ويمكن لو لم أسمع كلمة: إذا كنت رجلا، ربما ما كنت قلت لها أنت طالق.
أرجو إفادتي هل وقع الطلاق في أي حالة منهما؟ علما أننا أدركنا جيدا معنى الفراق، وهدم البيت، وللعلم في كل مرة كنت أقول كلمة الطلاق بالهمزة، وليس بالقاف (طالئ، وليس طالق).
هل من الضروري إشهاد اثنين على الإرجاع، أم يجوز بلفظ: إني قد رجعتك إلى عصمتي؟
قلت لزوجتي مرتين تقريبا: كل الذي بيننا انتهى، ومرة أخرى: عيشنا مع بعض لا يصح؛ لأننا غير متوافقين، وطلبت منها الذهاب إلى بيت أهلها.
هل ذلك يعد طلاقا؟
معذرة على الإطالة.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فما دمت تلفظت بصريح الطلاق، مدركا، غير مغلوب على عقلك؛ فقد وقع طلاقك، ولو كان وقت الغضب الشديد.

  قال الرحيباني الحنبلي -رحمه الله-: ويقع الطلاق ممن غضب، ولم يزل عقله بالكلية؛ لأنه مكلف في حال غضبه بما يصدر منه من كفر، وقتل نفس، وأخذ مال بغير حق، وطلاق، وغير ذلك. 

 وعليه؛ فالطلقتان الصريحتان، نافذتان، وطلاق الثلاث الذي علقته، قد وقع بتأخر زوجتك عن الخروج أكثر من نصف الساعة، إذا لم تكن لك نية تخالف ظاهر قولك. وبذلك وحده تكون زوجتك قد بانت منك، بينونة كبرى، فلا تحل لك إلا إذا تزوجت زوجا غيرك -زواج رغبة، لا زواج تحليل- ويدخل بها الزوج الجديد ثم يطلقها، أو يموت عنها، وتنقضي عدتها منه.
وهذا الذي نفتي به في طلاق الغضبان، والطلاق المعلق، هو قول جمهور أهل العلم، لكن بعض العلماء لا يوقع طلاق الغضبان إذا اشتد غضبه، ولا يوقع الطلاق المعلق إذا لم يقصد الزوج إيقاع الطلاق، وإنما قصد التهديد، أو التأكيد، أو المنع، وإنما تلزمه كفارة يمين، وراجع الفتوى رقم: 11566، والفتوى رقم: 11592
وبخصوص قولك لزوجتك: كل الذي بيننا انتهى، وعيشتنا مع بعض مش نافعة، ونحو ذلك من العبارات، فهي كنايات، تحتمل الطلاق وغيره، فإن نويت بها الطلاق، وقع، وإلا، فلا.
ولمعرفة ما تحصل به الرجعة شرعا، راجع الفتوى رقم: 54195
والذي ننصحك به، أن تعرض مسألتك على من تمكنك مشافهته من أهل العلم، الموثوق بعلمهم، ودينهم.
وننبهك إلى أن الغضب مفتاح الشر، فينبغي الحذر منه، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم أوصني، قال: " لا تغضب، فردد مرارا، قال: لا تغضب" رواه البخاري.

  قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله-: فهذا يدل على أن الغضب جماع الشر، وأن التحرز منه جماع الخير. جامع العلوم والحكم.
 والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة