السؤال
أنا موظف في قطاع خاص لأحد المشاريع الكبيرة، في مدينة مكة، ومن طبيعة عملي مشاهدة الأراضي، والمواقع الخاصة التي سيمر عليها المشروع، علما بأن المشروع لم يبدأ تنفيذه بعد.
فهل يجوز شرعا شراء أرض؛ ليتم تعويضي ماديا عندما يبدأ نزع الملكيات وقت تنفيذ المشروع، أو لكي أستفيد منها لإقامة بعض المحلات التجارية، علما بأن مواقع هذه الأراضي لا يعرفها عامة الناس.
فهل يعتبر من الحيلة، أو التحايل على صاحب الأرض لعدم معرفته بمواقع المشروع، الذي سيتم تنفيذه مستقبلا؟
وجزاكم الله خير الجزاء.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالشراء صحيح فيما يظهر، لكن من حق صاحب الأرض عليك النصح له، فعن جرير البجلي -رضي الله عنه- قال: بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم. متفق عليه.
قال النووي: ومما يتعلق بحديث جرير منقبة، ومكرمة لجرير رضي الله عنه، رواها الحافظ أبو القاسم الطبراني بإسناده، اختصارها: أن جريرا أمر مولاه أن يشتري له فرسا، فاشترى له فرسا بثلاثمائة درهم، وجاء به وبصاحبه لينقده الثمن، فقال جرير لصاحب الفرس: فرسك خير من ثلاثمائة درهم، أتبيعه بأربعمائة درهم؟ قال: ذلك إليك يا أبا عبد الله. فقال: فرسك خير من ذلك. أتبيعه بخمسمائة درهم؟ ثم لم يزل يزيده مائة فمائة، وصاحبه يرضى، وجرير يقول: فرسك خير إلى أن بلغ ثمانمائة درهم، فاشتراه بها. فقيل له في ذلك، فقال: إني بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على النصح لكل مسلم. اهـ.
وقد قال أيضا صلى الله عليه وسلم: "الدين النصيحة" قيل: لمن؟ قال: "لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم" رواه مسلم.
قال النووي: وأما نصيحة المسلمين ـ وهم من عدا ولاة الأمر ـ فإرشادهم لمصالحهم في آخرتهم ودنياهم، وكف الأذى عنهم، فيعلمهم ما يجهلونه من دينهم، ويعينهم عليه بالقول، والفعل، وستر عوراتهم، وسد خلاتهم، ودفع المضار عنهم، وجلب المنافع لهم، وأمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر برفق وإخلاص، والشفقة عليهم، وتوقير كبيرهم، ورحمة صغيرهم، وتخولهم بالموعظة الحسنة، وترك غشهم وحسدهم، وأن يحب لهم ما يحب لنفسه من الخير، ويكره لهم ما يكره لنفسه من المكروه، والذب عن أموالهم، وأعراضهم وغير ذلك من أحوالهم بالقول، والفعل وحثهم على التخلق بجميع ما ذكرناه من أنواع النصيحة، وتنشيط همهم إلى الطاعات. اهـ.
والله أعلم.