إذا نفى العالِم وجود حديث في مسألة فإنما ينفي علمه بذلك، ولا ينفي الوجود المطلق

0 204

السؤال

الذي أعرفه أنه لم يتم إحصاء جميع أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، كما قرأت في فتوى من موقعكم، فكيف يعرف أنه لم يرد حديث بشأن موضوع معين إذا تم السؤال عنه؟ كما نرى في الكثير من أجوبة الاستفتاءات أنه لم يرد حديث بشأن هذا الموضوع، أو يقال: لا أصل له -جزاكم الله خيرا-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد ذكرنا في الفتوى رقم: 117788 أننا لم نقف على تحديد من أهل العلم يقطع به لعدد الأحاديث الصحيحة المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونرى أنه من الصعب تحديد عدد معين لها؛ نظرا لأن التصحيح والتضعيف نسبيان، فقد يكون الحديث صحيحا عند بعض أهل العلم، وضعيفا عند البعض الآخر.
وعدم تحديد عدد معين للأحاديث لا يعني أن بعضها قد ذهب عن علماء الحديث كلهم، وإنما ذهب بعضها عن بعضهم، وعرفه البعض الآخر، وهم بين مقل، ومستكثر من معرفته بالأحاديث؛ قال الإمام الشافعي -رحمه الله- في الرسالة: ولسان العرب أوسع الألسنة مذهبا، وأكثرها ألفاظا، ولا نعلمه يحيط بجميع علمه إنسان غير نبي، ولكنه لا يذهب منه شيء على عامتها، حتى لا يكون موجودا فيها من يعرفه. والعلم به عند العرب كالعلم بالسنة عند أهل الفقه، لا نعلم رجلا جمع السنن، فلم يذهب منها عليه شيء، فإذا جمع علم عامة أهل العلم بها أتى على السنن، وإذا فرق علم كل واحد منهم ذهب عليه الشيء منها، ثم ما كان ذهب عليه منها موجودا عند غيره. وهم في العلم طبقات، منهم الجامع لأكثره، وإن ذهب عليه بعضه، ومنهم الجامع لأقل مما جمع غيره. وليس قليل ما ذهب من السنن على من جمع أكثرها: دليلا على أن يطلب علمه عند غير طبقته من أهل العلم، بل يطلب عن نظرائه ما ذهب عليه؛ حتى يؤتى على جميع سنن رسول الله -بأبي هو وأمي-؛ فيتفرد جملة العلماء بجمعها، وهم درجات فيما وعوا منها. انتهى.
وعليه؛ فالعالم، والمفتي، والمحدث إذا نفى وجود حديث في مسألة ما إنما ينفي علمه بذلك، ولا ينفي الوجود المطلق، إلا أن يكون الكلام، أو السؤال عن وجود حديث يستحيل صدوره عن النبي صلى الله عليه وسلم لمخالفته لأصل الدين مثلا، فمثل هذا يصح نفيه بإطلاق.
ونحن غالبا نقول: لم نطلع عليه فيما بين أيدينا من المصادر.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات