حجم منزلة المؤمن في الفردوس الأعلى

0 2020

السؤال

سؤالي هو: هل حجم منزلة المؤمن في الفردوس الأعلى، أو أي منزلة في الجنة، أكبر من الأرض أم لا ؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن المسلم في الفردوس، أو في الجنة على وجه العموم، يكون ما له أضخم من الأرض؛ لما في البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من آمن بالله ورسوله، وأقام الصلاة، وصام رمضان، كان حقا على الله أن يدخله الجنة، هاجر في سبيل الله، أو جلس في أرضه التي ولد فيها، قالوا: يا رسول الله، أفلا ننبئ الناس بذلك، قال: إن في الجنة مائة درجة، أعدها الله للمجاهدين في سبيله، كل درجتين ما بينهما كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله، فسلوه الفردوس؛ فإنه أوسط الجنة، وأعلى الجنة، وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة.

 ومن كان دون ذلك، يكون له أعظم من الأرض؛ ففي صحيحي البخاري ومسلم عن عبد الله -رضي الله عنه- قال النبي صلى الله عليه وسلم: إني لأعلم آخر أهل النار خروجا منها، وآخر أهل الجنة دخولا، رجل يخرج من النار كبوا، فيقول الله: اذهب فادخل الجنة، فيأتيها، فيخيل إليه أنها ملأى، فيرجع فيقول: يا رب وجدتها ملأى، فيقول: اذهب فادخل الجنة، فيأتيها فيخيل إليه أنها ملأى، فيرجع فيقول: يا رب وجدتها ملأى، فيقول: اذهب فادخل الجنة، فإن لك مثل الدنيا، وعشرة أمثالها -أو: إن لك مثل عشرة أمثال الدنيا- فيقول: تسخر مني -أو: تضحك مني- وأنت الملك "فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه، وكان يقول: ذاك أدنى أهل الجنة منزلة
ولهما في الحديث الطويل في آخر أهل الجنة دخولا الجنة، حتى إذا انقطعت به الأماني، قال الله عز وجل: ذلك لك، ومثله معه. قال أبو سعيد: وعشر أمثاله معه يا أبا هريرة، أشهد أني حفظته من رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولهما من حديث ابن مسعود في آخر من يدخل الجنة: فإن لك مثل الدنيا، وعشرة أمثالها.

 قال النوويقوله صلى الله عليه وسلم: ( فيقول الله تعالى له اذهب فادخل الجنة، فإن لك مثل الدنيا، وعشرة أمثالها ) وفي الرواية الأخرى: ( لك الذي تمنيت، وعشرة أضعاف الدنيا ) هاتان الروايتان بمعنى واحد، وإحداهما تفسير للأخرى. فالمراد بالأضعاف الأمثال؛ فإن المختار عند أهل اللغة أن الضعف المثل.

 وأما قوله صلى الله عليه سلم في الأخرى: (فيقول الله تعالى: أيرضيك أن أعطيك الدنيا، ومثلها معها) وفي الرواية الأخرى: (أترضى أن يكون لك مثل ملك، ملك من ملوك الدنيا، فيقول: رضيت رب، فيقول: لك ذلك، ومثله، ومثله، ومثله، ومثله، ومثله. فقال في الخامسة: رضيت رب، فيقول: هذا لك، وعشرة أمثاله) فهاتان الروايتان لا تخالفان الأوليين، فإن المراد بالأولى من هاتين، أن يقال له أولا: لك الدنيا ومثلها، ثم يزاد إلى تمام عشرة أمثالها، كما بينه في الرواية الأخيرة. وأما الأخيرة فالمراد بها: أن أحد ملوك الدنيا لا ينتهي ملكه إلى جميع الأرض، بل يملك بعضا منها، ثم منهم من يكثر البعض الذي يملكه، ومنهم من يقل بعضه، فيعطى هذا الرجل مثل أحد ملوك الدنيا خمس مرات، وذلك كله قدر الدنيا كلها، ثم يقال له: لك عشرة أمثال هذا، فيعود معنى هذه الرواية، إلى موافقة الروايات المتقدمة، ولله الحمد، وهو أعلم. اهـ. 

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة