السؤال
أريد أن أعدد النوايا في كل صغيرة وكبيرة؛ فعندما أتناول الطعام تكون نيتي: التقوية على العبادة، وأكفي نفسي سؤال الغير، وخدمتي، ولكي أستطيع تربية أبنائي لخدمة الدين، ولكي أحافظ على أمانة الصحة التي وهبني الله إياها، وهكذا.
أنا لا أتذكر وأعلم كثيرا من النوايا الحسنة لأي عمل، ولا يوجد وقت قبل كل عمل لتجميع النوايا، هل توجد نية جامعة لكل الخير في تربية الأبناء وقضاء حوائجهم والحياة عموما، مثل نية التقرب إلى الله هل تكفي لتجميع كل النوايا الحسنة أم يجب قبل كل عمل تحديد مجموعة من النوايا للحصول على ثواب أكبر؟ وهل يوجد نية جامعة لكل خير؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنية أمرها عظيم، وللمؤمن أن يجمع النوايا الصالحة في العمل لتحصيل الأجور، وانظري الفتوى رقم: 120361.
وانظري للفائدة الفتوى رقم: 268249.
وأما ما ذكرت من كون الوقت لا يتسع لاستحضار النوايا؛ فإذا عرفنا ما للنية من قدر عظيم، بذلنا الوقت الكافي لاستحضارها -على أنها لا تحتاج إلى وقت يذكر- فإن النية شرط لتحصيل الأجر، ولا يحصل من الأجر إلا ما نواه العبد -والله أعلم-
قال ابن دقيق العيد في إحكام الأحكام: السادس: قوله -صلى الله عليه وسلم-: وإنما لكل امرئ ما نوى يقتضي أن من نوى شيئا يحصل له، وكل ما لم ينوه لم يحصل له، فيدخل تحت ذلك ما لا ينحصر من المسائل ... فكل مسألة خلافية حصلت فيها نية، فلك أن تستدل بهذا على حصول المنوي. وكل مسألة خلافية لم تحصل فيها نية، فلك أن تستدل بهذا على عدم حصول ما وقع في النزاع ... انتهى.
وقال الشيخ/ عبد الكريم الخضير في شرح جوامع الأخبار: ((وإنما لكل امرئ ما نوى))، الذي ينويه من عمله يحصل له أجره، ومفهومه أن الذي لا ينويه لا يحصل له أجره، فإذا افترضنا أن عملا من الأعمال يحقق هدفين في آن واحد، أنت في طريقك إلى المسجد لتؤدي الصلاة، وفي طريقك مريض تزوره في الله، أو في المسجد جنائز يصلى عليها بعد الصلاة، أنت خرجت من بيتك لا ينهزك إلا الصلاة فقط، لكن لما وازنت البيت الذي فيه المريض قلت: فرصة الآن باقي على الصلاة ربع ساعة أمر وأزور هذا المريض. أنت من بيتك ما نهزك إلا الصلاة فليس لك إلا أجر الصلاة من بيتك، لكن زيارة المريض هذه التي طرأت لها أجرها منذ طرأت عليك وقصدتها وأما قبل ذلك فلا، ذهبت إلى المسجد تعرف هذا المسجد أنه يصلى فيه على الجنائز، وخرجت من بيتك بقصد الصلاة الفريضة، والصلاة على الجنائز تؤجر على الأمرين، وهذه النية من بيتك، وصلاة الجنازة إذا صليت عليها ثبت لك أجرها، يعني هل يستوي شخص ذهب إلى المسجد للصلاة فقط، وبين أجر شخص من ذهب إلى الصلاة، وصلاة الجنازة معا، وخص هذا المسجد؛ لأنه تصلى فيه الجنائز؟ نقول هذا أجره أعظم، وأما من خرج إلى الجامع الذي تصلى فيه على الجنائز له أجر نية الصلاة، وأجر نية صلاة الجنازة، لكن ليس له أجر الجنازة إلا إذا صلى على الجنازة. يؤجر على النية الصالحة؛ لخروجه للصلاة الجنازة، لكن قدر أن ما في جنازة هل نقول: إن له قيراطا؟ لا، ليس له قيراط، إنما له أجر القصد والنية إلى هذا المسجد الذي تصلى فيه على الجنائز، مع أجر الصلاة حينما خرج من بيته قاصدا الصلاة، والصلاة على الجنازة، لكن من لم تخطر له الجنازة على باله وخرج لا ينهزه إلا الصلاة له أجر الصلاة، إن وجد جنازة وصلى عليها له قيراط وإن لم يقصدها من بيته، لكن هناك فروق بين هذه المقاصد. انتهى بتصرف.
وعليه؛ فلا تكفي النية العامة، وإنما بكل نية تقوم بالقلب يثاب العبد عليها؛ فاحرصي على تذكر النوايا الصالحة، حتى تثابي الثواب العظيم.
والله أعلم.