السؤال
كنت آخذ أموال إخوتي الصغار وكانوا أيتاما، وكنت آخذ أموال جدتي الكبيرة، وهي الآن مصابة بالزهايمر ـ الله يشفيها ويشفي مرضى المسلمين ويحسن خواتيمهم ـ وكانوا يثقون في، وكنت أسحب الأموال من الصراف الآلي، فمرات آخذ 50 ريالا، ومرات آخذ أعلى بكثير وهم لا يعلمون، فجدتي من التقاعد وإخواني من الجمعيات الخيرية، والجمعيات الخيرية تصر أن نأخذها بحكم أن إخواني صغار، وكنت جاهلا بهذه الأمور ، وكنت أعلم أنني سأحاسب عن كل شيء، وكنت آخذها لشراء أمور اللهو، ومجموع حقوق إخواني تقارب 5 آلاف، وحقوق جدتي تقارب 4 آلاف، وكنت آخذها بداية بلوغي في سن 14 أو 15 سنة، واستمرت قرابة 3 سنوات في فترات متقطعة، أفكر طوال الوقت كيف أحل هذه الطامة الكبرى، وإذا مت، فمن سيسددها عني، ومن يدري عنها؟ فماذا أفعل بهذا الشأن؟ وهل أخبر والدتي بما صار طوال هذه السنين علما بأنها مدرسة ولله الحمد؟ وكيف أسدد ما علي من ديون؟ وإذا قدر الله لجدتي أن جاءها الموت، فماذا أفعل بأموالها التي سرقتها من دون علمها؟ وقد تبت وتركت كثيرا مما كنت عليه.....
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهنيئا لك بالتوبة والإنابة إلى الله عز وجل والإقلاع عما كنت عليه، ولتبشر بتوبة الله عليك ـ إن شاء الله ـ فهو سبحانه يقبل توبة العبد مهما عظم ذنبه وجرمه ما لم يغرغر أو تطلع الشمس من مغربها، وقد وعد سبحانه وتعالى التائبين بالمغفرة والرحمة، فقال تعالى: كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم {الأنعام:54}.
وقال تعالى: ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما {النساء:110}
وقال صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها. رواه مسلم.
لكن ينبغي أن تعلم أن ما كان من الذنوب متعلقا بحقوق الآدميين، فلا بد فيه من رد الحق لأصحابه، أو استحلالهم منه، وانظر الفتويين رقمهم: 3519، ورقم: 167327.
وبناء على ذلك، فإن عليك أن ترد ما أخذت من جدتك أو تستحلها منه ـ إن كانت تعقل الأمور وتميز الأشياء ـ وإذا توفيت قبل ذلك، فإن حقها ينتقل لورثتها، وكذلك الحال بالنسبة لإخوتك، فلا بد أن ترد إليهم حقوقهم أو تطلب منهم المسامحة بشأنها، فإن فعلوا ذلك وكانوا بالغين رشداء، فقد برئت ذمتك، وإلا فلا بد من رد الحقوق إليهم، ولا بأس بإخبار والدتك لعلها تساعد في الوفاء بهذه الحقوق التي ترتبت في ذمتك، وإذا كنت عاجزا عن الوفاء بالحقوق الآن ولم يسامحك أصحابها بها، فإنها تبقى دينا في ذمتك حتى تتمكن من الوفاء بها، مع الاجتهاد في ردها وعدم التهاون في ذلك، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.
والله أعلم.