السؤال
ما صحة حديث: اللهم لا تغفر لمحلم بن جثامة؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فهذا الحديث أخرجه أحمد في مسنده، وأبو داود في سننه، وابن ماجه، وغيرهم، عن زياد بن ضمرة السلمي، أنه حدث عروة بن الزبير، عن أبيه، وكان شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنينا، أن محلم بن جثامة الليثي، قتل رجلا من أشجع في الإسلام، وذلك أول غير -أي: دية- قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتكلم عيينة في قتل الأشجعي؛ لأنه من غطفان، وتكلم الأقرع بن حابس دون محلم؛ لأنه من خندف، فارتفعت الأصوات، وكثرت الخصومة واللغط، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عيينة، ألا تقبل الغير؟ فقال عيينة: لا، والله حتى أدخل على نسائه من الحرب، والحزن ما أدخل على نسائي، قال: ثم ارتفعت الأصوات، وكثرت الخصومة واللغط، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عيينة ألا تقبل الغير؟ فقال عيينة: مثل ذلك أيضا، إلى أن قام رجل من بني ليث، يقال له: مكيتل عليه شكة، وفي يده درقة، فقال: يا رسول الله، إني لم أجد لما فعل هذا في غرة الإسلام مثلا، إلا غنما وردت، فرمي أولها فنفر آخرها، اسنن اليوم، وغير غدا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خمسون في فورنا هذا، وخمسون إذا رجعنا إلى المدينة، وذلك في بعض أسفاره، ومحلم رجل طويل آدم، وهو في طرف الناس، فلم يزالوا حتى تخلص، فجلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعيناه تدمعان، فقال: يا رسول الله، إني قد فعلت الذي بلغك، وإني أتوب إلى الله تبارك وتعالى، فاستغفر الله عز وجل لي يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أقتلته بسلاحك في غرة الإسلام، اللهم لا تغفر لمحلم بصوت عال، زاد أبو سلمة: فقام، وإنه ليتلقى دموعه بطرف ردائه، قال ابن إسحاق: فزعم قومه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استغفر له بعد ذلك.
قال أبو داود: قال النضر بن شميل الغير: الدية.
قال محقق المسند الشيخ شعيب الأرنؤوط ما عبارته: إسناده ضعيف؛ لجهالة زياد بن ضمرة، لم يرو عنه غير محمد بن جعفر، وقد اختلف في اسمه، فقيل: زياد ابن ضميرة بن سعد، وقيل: زياد بن ضمرة، وقيل: زيد بن ضميرة السلمي، وقيل: الأسلمي. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (5457) من طريق سعيد بن يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد. وأخرجه أبو داود (4503) ، وابن ماجه (2625) ، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (978) ، وفي "الديات" ص 102، وابن الجارود في "المنتقى" (777) ، والبيهقي 9/116 من طرق عن محمد بن إسحاق، به. وأخرجه أبو داود (4503) ، وابن أبي عاصم في "الديات" ص 102-103، والطبراني (5455) ، والبيهقي 9/116 من طريق عبد الرحمن بن الحارث، عن محمد بن جعفر، به. وقال: عن أبيه، ولم يذكر جده. وسيأتي الحديث 6/10 عن سعيد بن يحيى بن سعيد، عن أبيه. وسيأتي في مسند عبد الله بن أبي حدرد قصة قتل محلم بن جثامة عامرا الأشجعي 6/11. قال السندي: "لخندف"، ضبط بكسر الخاء المعجمة، وسكون النون، وكسر الدال: اسم قبيلة، أي: لأجلها. "غرة الإسلام"، أي: في أوله، كغرة الشهر، لأوله. "فرمي أولها" على بناء المفعول، أي: فلذلك ينبغي أن تقتل، هذا في الأول حتى يكون قتله عظة وعبرة للآخرين. "اسنن" صيغة أمر من سن سنة، من باب نصر، وهذا مثل ثان ضربه لترك القتل، كما أن الأول ضربه للقتل؛ ولذلك ترك العطف، ومعناه: قدر حكمك اليوم، وغيره غدا، أي: إن تركت القصاص اليوم في أول ما شرع، واكتفيت بالدية، ثم أجريت القصاص على أحد، يصير ذلك كهذا المثل، والحاصل: إن قتلت اليوم يصير مثله مثل غنم، وإن تركت اليوم يصير مثله كهذا المثل. انتهى كلام محقق المسند.
والحديث ضعفه الألباني -رحمه الله- كذلك.
والله أعلم.