السؤال
ما الحكم إذا حضرت صلاة العيد أثناء الخطبة وفاتتني الصلاة نفسها؟ وكيف أصلي العيد؟.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 55961، مذاهب العلماء في قضاء النوافل ورجحنا مذهب الشافعي في أن النوافل المؤقتة ومنها العيد يستحب قضاؤها، وصلاة العيد سنة غير واجبة في قول الجمهور.
ومن ثم، فلا يجب عليك قضاؤها، ولكن يستحب عند بعض العلماء ـ كما ذكرنا ـ ومن أراد قضاء صلاة العيد، فإن شاء صلاها على صفتها من التكبيرات الزوائد، وإن شاء ترك هذه التكبيرات، فالأمر واسع، ولكن فعل التكبيرات الزوائد أولى لأن الأصل أن القضاء يحكي الأداء ولثبوته عن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال ابن قدامة في المغني: مسألة؛ قال: (ومن فاتته صلاة العيد صلى أربع ركعات، كصلاة التطوع، وإن أحب فصل بسلام بين كل ركعتين). وجملته أن من فاتته صلاة العيد فلا قضاء عليه؛ لأنها فرض كفاية، قام بها من حصلت الكفاية به، فإن أحب قضاءها فهو مخير، إن شاء صلاها أربعا، إما بسلام واحد وإما بسلامين. وروي هذا عن ابن مسعود، وهو قول الثوري؛ وذلك لما روى عبد الله بن مسعود، أنه قال: من فاته العيد فليصل أربعا، ومن فاتته الجمعة فليصل أربعا. وروي عن علي - رضي الله عنه - أنه قال: إن أمرت رجلا أن يصلي بضعفة الناس، أمرته أن يصلي أربعا. رواهما سعيد. قال أحمد، - رحمه الله -: يقوي ذلك حديث علي، أنه أمر رجلا يصلي بضعفة الناس أربعا، ولا يخطب. ولأنه قضاء صلاة عيد، فكان أربعا كصلاة الجمعة، وإن شاء أن يصلي ركعتين كصلاة التطوع. وهذا قول الأوزاعي لأن ذلك تطوع. وإن شاء صلاها على صفة صلاة العيد بتكبير. نقل ذلك عن أحمد إسماعيل بن سعيد، واختاره الجوزجاني. وهذا قول النخعي، ومالك، والشافعي، وأبي ثور وابن المنذر؛ لما روي عن أنس، أنه كان إذا لم يشهد العيد مع الإمام بالبصرة جمع أهله ومواليه، ثم قام عبد الله بن أبي عتبة مولاه فيصلى بهم ركعتين، يكبر فيهما. ولأنه قضاء صلاة، فكان على صفتها، كسائر الصلوات، وهو مخير، إن شاء صلاها وحده، وإن شاء في جماعة. قيل لأبي عبد الله: أين يصلي؟ قال: إن شاء مضى إلى المصلى، وإن شاء حيث شاء.
وقال ابن رجب في فتح الباري: اختلفوا: هل يصلي ركعتين بتكبير كتكبير الإمام، أم يصلي بغير تكبير؟ فقال الحسن والنخعي ومالك والشافعي وأحمد - في رواية -: يصلي بتكبير، كما يصلي الإمام. واستدلوا بالمروي عن أنس، وأنس لم يفته في المصر بل كان ساكنا خارجا من المصر بعيدا منه، فهو في حكم أهل القرى. وقد أشار إلى ذلك الإمام أحمد في رواية عنه. والقول بانه يصلي كما يصلي الإمام قول أبي حنيفة وأبي بكر بن أبي شيبة، حتى قال: لا يكبر إلا كما يكبر الإمام، لا يزيد عليه ولا ينقص. وكذا قاله الإمام أحمد في رواية أبي طالب - إلى أن قال بعض كلام طويل في الخلاف في هذه المسألة: - واعلم؛ أن الاختلاف في هذه المسألة ينبني على أصل، وهو: أن صلاة العيد: هل يشترط لها العدد والاستيطان وإذن الإمام؟ فيه قولان للعلماء، هما روايتان عن أحمد. وأكثر العلماء على أنه لا يشترط لها ذلك، وهو قول مالك والشافعي. ومذهب أبي حنيفة وإسحاق: أنه يشترط لها ذلك. فعلى قول الأولين: يصليها المنفرد لنفسه في السفر والحضر والمرأة والعبد ومن فاتته، جماعة وفرادى، لكن لا يخطب لها خطبة الإمام؛ لأن فيه افتئاتا عليه، وتفريقا للكلمة. وعلى قول الآخرين: لا يصليها إلا الإمام أو من أذن له، ولا تصلى إلا كما تصلى الجمعة، ومن فاتته، فإنه لا يقضيها على صفتها، كما لا يقضي الجمعة على صفتها. اهـ.
ثم قال: وليست العيد كالجمعة؛ ولهذا يصليها الإمام والناس معه إذا لم يعلموا بالعيد إلا من آخر النهار من غد يوم الفطر، والجمعة لا تقضى بعد خروج وقتها، ولأن الخطبة ليست شرطا لها، فهي كسائر الصلوات، بخلاف الجمعة. اهـ.
والله أعلم.