السؤال
يقول تعالى: "وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا". تبدأ الآية بالخوف من الإقساط في اليتامى، ثم تتبع بلفظ "فانكحوا ما طاب لكم من النساء"، فهل هناك علاقة بين الأيتام، وتعدد الزوجات؟ وما الحكمة من هذا اللفظ؟ وشكرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالعلاقة بين الأيتام وتعدد الزوجات في آية سورة النساء هذه تتبين من سبب نزول الآية؛ فقد روى البخاري، ومسلم عن عروة بن الزبير يحدث: أنه سأل عائشة -رضي الله عنها- عن قوله تعالى: {وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء}. قالت: هي اليتيمة في حجر وليها، فيرغب في جمالها، ومالها، ويريد أن يتزوجها بأدنى من سنة نسائها، فنهوا عن نكاحهن إلا أن يقسطوا لهن في إكمال الصداق، وأمروا بنكاح من سواهن من النساء.
ولذلك قال ابن كثير في معنى الآية: أي: إذا كان تحت حجر أحدكم يتيمة، وخاف ألا يعطيها مهر مثلها، فليعدل إلى ما سواها من النساء، فإنهن كثير، ولم يضيق الله عليه. اهـ.
فالمقصود: أن يترك ما يضره إلى ما لا يضره؛ ولذلك جاء في رواية مسلم عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: يقول: ما أحللت لكم ودع هذه التي تضر بها.
ولم يتبين لنا على وجه التحديد ما تشير إليه بقولك: وما الحكمة من هذا اللفظ؟ فإن كنت تعني به لفظ "الخوف"؛ فقد قال القرطبي في تفسيره: اختلف العلماء في تفسير هذا الخوف؛ فقال أبو عبيدة: "خفتم" بمعنى أيقنتم. وقال آخرون: "خفتم" ظننتم. قال ابن عطية: وهذا الذي اختاره الحذاق، وأنه على بابه من الظن، لا من اليقين. التقدير من غلب على ظنه التقصير في القسط لليتيمة فليعدل عنها. اهـ.
والله أعلم.