السؤال
ما هي أصول الدين، وقواعده؟ وهل هناك فرق بين الأصول، والقواعد؟ وشكرا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فأصول الدين، هي: مسائل يجب اعتقادها، ودلائل هذه المسائل.
يوضح ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- حيث قال، كما في مجموع الفتاوى: أصول الدين إما أن تكون مسائل يجب اعتقادها قولا، أو قولا وعملا، كمسائل التوحيد، والصفات، والقدر، والنبوة، والمعاد، أو دلائل هذه المسائل.
أما القسم الأول: فكل ما يحتاج الناس إلى معرفته، واعتقاده، والتصديق به من هذه المسائل، فقد بينه الله ورسوله بيانا شافيا، قاطعا للعذر؛ إذ هذا من أعظم ما بلغه الرسول البلاغ المبين، وبينه للناس، وهو من أعظم ما أقام الله الحجة على عباده فيه بالرسل الذين بينوه وبلغوه، وكتاب الله الذي نقل الصحابة، ثم التابعون عن الرسول لفظه، ومعانيه، والحكمة التي هي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، التي نقلوها أيضا عن الرسول، مشتملة من ذلك على غاية المراد، وتمام الواجب، والمستحب ...
وأما القسم الثاني: وهو دلائل هذه المسائل الأصولية، فإنه وإن كان يظن طوائف من المتكلمين، والمتفلسفة أن الشرع إنما يدل بطريق الخبر الصادق، فدلالته موقوفة على العلم بصدق المخبر، ويجعلون ما يبنى عليه صدق المخبر، معقولات محضة، فقد غلطوا في ذلك غلطا عظيما، بل ضلوا ضلالا مبينا، في ظنهم أن دلالة الكتاب والسنة إنما هي بطريق الخبر المجرد، بل الأمر ما عليه سلف الأمة، وأئمتها، أهل العلم والإيمان من أن الله سبحانه وتعالى بين من الأدلة العقلية التي يحتاج إليها في العلم بذلك، ما لا يقدر أحد من هؤلاء قدره، ونهاية ما يذكرونه جاء القرآن بخلاصته على أحسن وجه، وذلك كالأمثال المضروبة التي يذكرها الله تعالى في كتابه، التي قال فيها: {ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل}. انتهى.
وأصول الدين، وقواعده بمعنى واحد، ولهذا يذكرهما كثير من أهل العلم في سياق واحد، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله-: فقد جمع في هذه الأحاديث بين الخصال الثلاث؛ إخلاص العمل لله، ومناصحة أولي الأمر، ولزوم جماعة المسلمين. وهذه الثلاث تجمع أصول الدين، وقواعده، وتجمع الحقوق التي لله، ولعباده، وتنتظم مصالح الدنيا والآخرة. انتهى.
وقال أبو السعود -رحمه الله- في تفسيره: {يا أيها الذين آمنوا} شروع في بيان بعض الأحكام الشرعية، على وجه التلافي لما فرط من المخلين بما ذكر من أصول الدين، وقواعده، التي عليها بني أساس المعاش، والمعاد. انتهى.
وقال العلامة السعدي -رحمه الله- في تفسيره: يقول تعالى: {إن الذين آمنوا} بقلوبهم، أي: صدقوا، واعترفوا، لما أمر الله بالإيمان به، من أصول الدين وقواعده. انتهى.
والله أعلم.