السؤال
أنا أب لابن وبنت، وزوجتي حامل حاليا، وفي بداية الشهر الرابع أخبرنا الطبيب أن الجنين سيكون بنسبة كبيرة ذكرا، وفرحنا كثيرا، ثم بعد ذلك بشهر أخبرنا أنه سيكون بنتا، وأنا -والحمد لله- لا أعترض على البنات، ولكن قلبي تعلق طوال شهر بالذكر، وبعد أن أخبرنا الطبيب بكلام مخالف قلت: الحمد لله، ولكني شعرت في نفسي بضيق شديد، وحزن في قلبي، فهل هذا يعد ذنبا أحاسب عليه؟ ومنذ أن عرفت ذلك أدعو الله كثيرا أن يكون تشخيص الطبيب خطأ، وأن يكون الجنين ذكرا -كما أخبرنا في المرة الأولى- وأصبحت أداوم على الاستغفار، فهل دعائي هذا جائز؟ وأنا لا أبين حزني، وضيقي لأحد، هو بيني وبين الله فقط، ولكن في بعض الأحيان تسألني زوجتي ما بي، ولا أخبرها بشيء، فإذا أخبرتها بضيقي من باب التهوين على نفسي فهل أكون مذنبا؟ ولدي حسن ظن كبير بالله أنه سيرضيني، ويستجيب دعائي، ويكون المولود ذكرا، وفي نفس الوقت لدي قلق من أن يستقر التشخيص كما قيل في المرة الأخيرة، فهل هذا القلق يتعارض مع حسن الظن بالله؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنرجو ألا يكون عليك حرج فيما أصابك؛ إذ الأمر مجرد شعور قلبي لا تسخط على القدر، وليكن شغلك في كيفية الوصول إلى الرضا، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 122073.
والإخبار عن حالتك لزوجك لا يحرم؛ قال ابن قاسم في حاشية الروض: ومن شكى إلى الناس، وهو في شكواه راض بقضاء الله، لم يكن ذلك جزعا؛ لقوله لجبرائيل: أجدني مغموما، أجدني مكروبا وقوله: بل أنا وارأساه وقال له ابن مسعود: إنك لتوعك وعكا شديدا. قال: أجل كما يوعك رجلان منكم متفق عليه، وقول أيوب: {مسني الضر} ونحو ذلك مما يدل على إباحة إظهار مثل هذا القول عندما يلحق الإنسان من المصائب، ولا يكون ذلك شكوى... انتهى.
ومما يعزي المؤمن في مثل موقفك أن يتذكر أنه ربما ولد له ولد، فكفر بالله، وأشقاه؛ قال السيوطي في الدر المنثور في قوله تعالى: {وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا * فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما {الكهف:80-81}، وأخرج ابن أبي حاتم، والبيهقي في الشعب عن قتادة قال: قال مطرف بن الشخير: إنا لنعلم أنهما قد فرحا به يوم ولد، وحزنا عليه يوم قتل، ولو عاش لكان فيه هلاكهما، فرضي رجل بما قسم الله له، فإن قضاء الله للمؤمن خير من قضائه لنفسه، وقضاء الله لك فيما تكره خير من قضائه لك فيما تحب. وأخرج أبو عبيد، وابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {خيرا منه زكاة} قال: إسلاما. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن عطية في قوله: {خيرا منه زكاة} قال: دينا {وأقرب رحما} قال: مودة، فأبدلا جارية ولدت نبيا. وأخرج ابن المنذر من طريق بسطام بن جميل، عن عمر بن يوسف في الآية قال: أبدلهما جارية مكان الغلام ولدت نبيين. انتهى...
فلا تدري، قد يجعل الله في البنت خيرا كثيرا، واحمد الله فقد رزقك ولدا قبل ذلك، ولم تحرم من الذكور عموما.
وفي تربية البنات، والنفقة عليهن فضائل كثيرة راجعها في الفتوى رقم: 306334.
والله أعلم.