السؤال
أنفقت مبلغا كبيرا من المال بنية التخلص من أي شبهة سابقة أو لاحقة في مالي، فهل من الجائز في حالة عدم معرفة قيمة الشبهة بالضبط أن أخرج مبلغا أتيقن أنه أكبر من قيمة الشبهة، وأثاب على المبلغ الزائد على أنه صدقة؟ أم كان تلزمني نية الصدقة للمبلغ الزائد؟ وهل يجوز إخراج مال بنية التخلص من الشبهة مقدما قبل وجود الشبهة، علما بأنني فعلت ذلك لأسباب قد لا يتسع المقام لذكرها؟ وهل يجوز لي فيما بعد في حالة عدم معرفة قيمة الشبهة بالضبط أن أخرج مبلغا أتيقن أنه أكبر من قيمة الشبهة وأنوي أن ما زاد عن قدر الشبهة صدقة؟.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن كان في ماله حرام واشتبه عليه، فلم يدر قدره، فليتخلص مما يغلب على ظنه براءة ذمته به، وباقي ماله حلال له، وقال الإمام القرطبي في الجامع لأحكام القرآن (3/ 366) عند تفسيره لقوله تعالى:يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين {البقرة:278}: "قلت: قال علماؤنا إن سبيل التوبة مما بيده من الأموال الحرام إن كانت من ربا فليردها على من أربى عليه، ومطلبه إن لم يكن حاضرا، فإن أيس من وجوده فليتصدق بذلك عنه. وإن أخذه بظلم فليفعل كذلك في أمر من ظلمه. فإن التبس عليه الأمر ولم يدر كم الحرام من الحلال مما بيده، فإنه يتحرى قدر ما بيده مما يجب عليه رده، حتى لا يشك أن ما يبقى قد خلص له فيرده من ذلك الذي أزال عن يده إلى من عرف ممن ظلمه أو أربى عليه. فإن أيس من وجوده تصدق به عنه." انتهى
وعليه، فإن فعلت ذلك أجزأك، ولو نويت أن ما زاد عن قدر الحرام فهو صدقة، فلا بأس بذلك، والله يعلم نيتك ومقدار الحرام والصدقة، فيثيبك على امتثال الأمر بتحري الحلال والتخلص من الحرام، ويثيبك على صدقتك فيما زاد عن الحرام مما أعطيته للفقراء والمساكين، وأما إخراج المال بنية التخلص من حرام سيكسبه المرء في المستقبل: فهو تقديم الشيء قبل سببه، فلا يبرئ ذمته، وقد قال ابن رجب في القواعد: العبادات كلها سواء كانت بدنية أو مالية أو مركبة منهما لا يجوز تقديمها على سبب وجوبها.
والله أعلم.