الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة الصبح هي صلاة الفجر، لا فرق بينهما، فتسمى الفجر وتسمى الصبح. قال الشافعي في "الأم": [وقال صلى الله عليه وسلم: من أدرك ركعة من الصبح، والصبح: الفجر؛ فلها اسمان: الصبح والفجر، لا أحب أن تسمى إلا بأحدهما]. اهـ. وقال الحطاب الرعيني المالكي في "مواهب الجليل": [ولها أسماء، منها: صلاة الصبح؛ لوجوبها حينئذ، والصبح والصباح أول النهار... وتسمى: صلاة الفجر؛ لوجوبها عند ظهوره]. اهـ.
أما ركعتا الفجر فهما ركعتا سنة الفجر، وهي التي تصلى قبل صلاة الفجر، وهما المذكورتان في الحديث: ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها، رواه مسلم والترمذي والنسائي. وقال الترمذي "باب: ما جاء في ركعتي الفجر من الفضل"، وبوب عليه النسائي: "المحافظة على الركعتين قبل الفجر".
وقد جاء في البخاري من حديث عائشة: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم على شيء من النوافل أشد منه تعاهدا على ركعتي الفجر، وهو عند مسلم عنها رضي الله عنها بلفظ: على ركعتين قبل الصبح.
فمن استيقظ بعد أذان الفجر فليذكر الله ثم ليتوضأ وليحسن الوضوء، ثم ليصل ركعتي سنة الفجر الراتبة، وليخففهما، كما في صحيح مسلم عن عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتي الفجر إذا سمع الأذان، ويخففهما. وفي الصحيحين واللفظ للبخاري عنها رضي الله عنها: كان النبي صلى الله عليه وسلم يخفف الركعتين اللتين قبل صلاة الصبح حتى إني لأقول: هل قرأ بأم الكتاب؟.
ويستحب أن يضطجع قليلا بعدها دون أن ينام، إن لم يخف غلبة النوم، ولم يخش فوات الصف الأول أو تكبيرة الإحرام، كما في الصحيحين عن عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سكت المؤذن بالأولى من صلاة الفجر قام، فركع ركعتين خفيفتين قبل صلاة الفجر، بعد أن يستبين الفجر، ثم اضطجع على شقه الأيمن، حتى يأتيه المؤذن للإقامة. وفي رواية: فإن كنت مستيقظة حدثني، وإلا اضطجع.
وفي سنن أبي داود والترمذي عن أبي هريرة: إذا صلى أحدكم الركعتين قبل الصبح، فليضطجع على يمينه، صححه الترمذي، وزاد أبو داود: فقال له مروان بن الحكم: أما يجزئ أحدنا ممشاه إلى المسجد حتى يضطجع على يمينه؟ قال عبيد الله في حديثه: قال: لا. قال النووي: إسناد أبي داود صحيح على شرط البخاري ومسلم.
وهاتان الركعتان تسميان صلاة الرغيبة، أو رغيبة الفجر؛ لكثرة ما رغب الشارع فيهما، وراجع الفتوى رقم: 35761، والفتوى رقم: 128564.
ويسن أن يذهب إلى المسجد ماشيا، لحديث بريدة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه. وصححه أحمد شاكر والألباني.
وأن يبكر في الخروج إلى المسجد، وأن يقف في الصف الأول وأن لا يضيع تكبيرة الإحرام مع الإمام، كما جاء في حديث أبي هريرة في الصحيحين: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا، ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العتمة والصبح، لأتوهما ولو حبوا. والاستهام: الاقتراع، أي ضرب القرعة بينهم، والتهجير: التبكير إلى الصلاة، والعتمة: صلاة العشاء.
ثم بعد أن يفرغ من صلاة الفجر في جماعة يجلس في مصلاه - أي المكان الذي صلى فيه - يقرأ أذكار الصلاة وأذكار الصباح، ويجلس يذكر الله إلى طلوع الشمس وارتفاعها قيد رمح، ثم يقوم فيصلي ركعتي الإشراق، ليحصل أجر حجة وعمرة تامة تامة تامة، كما جاء في الحديث الذي رواه الترمذي عن أنس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: من صلى الغداة في جماعة، ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين، كانت له كأجر حجة وعمرة، تامة تامة تامة. ، وراجع - للفائدة - الفتوى رقم: 310129، والفتوى رقم: 42998.
ولمعرفة أذكار الصلاة وأذكار الصباح راجع الفتويين التالية أرقامهما: 42164، 11882.
والأولى تقديم أذكار الصلاة على أذكار الصباح، كما بيناه في الفتوى رقم: 57127.
والله أعلم.