السؤال
أود أن أسأل بخصوص الاستنجاء من البول؛ حيث كنت لا أستنجي منه لأني كنت أعتقد أن ما يتبقى منه يسير وبالتالي يعفى عنه؛ لأنه دون مقعر الكف، فهل فعلي هذا صحيح؟ مع العلم أنه لو جمع يسير البول ذلك مع بعضه عقب كل عملية تبول ربما زاد عن مقعر الكف، أم أنه طالما عفي عن كل مرة فلا يضر إذا كان المجموع زائدا عن مقدار مقعر الكف؟ وما حكم حجي علي هذه الحال؟ إذ إن البول يظل على جسمي وأنا محرم، وأيضا ما حكم صلواتي على هذه الحال؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالاستنجاء من البول واجب عند الجمهور تبطل الصلاة بتركه لكون المصلي يصلي وهو متلبس بالنجاسة، وعلى هذا فصلواتك التي صليتها في تلك المدة باطلة تلزمك إعادتها، وطوافك كذلك غير صحيح لكونك أديته متلبسا بالنجاسة، ويرى الحنفية أن الاستنجاء غير واجب، وأنه يعفى عن أثره في محله، وأما ما تجاوز المحل فلا يعفى عنه إلا عن قدر الدرهم على قول، وقد يظهر لنا أنك تقلد الحنفية وتتبع مذهبهم، فإن كان كذلك فعلى قولهم فإن صلواتك السابقة صحيحة لا تلزمك إعادتها إن كان الخارج لم يتجاوز المحل، ولا يضر تكرر ذلك ما دام الحال كما ذكرنا، وطوافك أيضا صحيح على هذا بلا إشكال، وتفصيل مذهبهم في الاستنجاء قد بينه ابن عابدين بقوله: الاستنجاء على خمسة أوجه، اثنان واجبان أحدهما: غسل نجاسة المخرج في الغسل من الجنابة والحيض والنفاس كي لا تشيع في بدنه، والثاني: إذا تجاوزت مخرجها يجب عند محمد قل أو كثر وهو الأحوط؛ لأنه يزيد على قدر الدرهم، وعندهما يجب إذا جاوزت قدر الدرهم؛ لأن ما على المخرج سقط اعتباره، والمعتبر ما وراءه، والثالث: سنة، وهو إذا لم تتجاوز النجاسة مخرجها، والرابع: مستحب، وهو ما إذا بال ولم يتغوط فيغسل قبله، والخامس: بدعة، وهو الاستنجاء من الريح. انتهى.
فإن كنت تقلد هذا المذهب وتعمل به فالحكم عندهم هو ما بينا لك، وإن كنت لا تقلده فيسعك الأخذ بهذا القول رفعا للحرج ودفعا للمشقة، وقد بينا في الفتوى رقم: 125010، أن العمل بالقول المرجوح بعد وقوع الأمر وصعوبة التدارك مما سهل فيه كثير من العلماء، لكننا ننصحك بألا تترك الاستنجاء فيما يستقبل من أمرك خروجا من الخلاف وإبراء للذمة بيقين، وحذرا من الوعيد الشديد الوارد في من لا يستبرئ من البول.
والله أعلم.