ما هو التكلف المنهي عنه؟

0 223

السؤال

ما هو التكلف المنهي عنه في الشريعة الإسلامية من الأقوال، والأفعال بالأمثلة حتى أفهم؟ وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد: 

فقد قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين {ص:86}.

قال الزمخشري: أي المتصنعين الذين يتحلون بما ليسوا من أهله، وما عرفتموني قط متصنعا، ولا مدعيا ما ليس عندي حتى أنتحل النبوة، وأدعي القرآن. انتهى.

ومن أعظم صور التكلف، وأقبحها مما نبه عليه العلماء في تفسير الآية تكلف المرء ما لا يحسنه، وجوابه عما لا يحيط بعلمه من مسائل الشرع، ومن صور التكلف كذلك تكلف السؤال عما قد يعنت الإنسان، ويوقعه في الحرج، قال الألوسي: وعلامة المتكلف -كما أخرجه البيهقي في شعب الإيمان عن ابن المنذر- ثلاث: أن ينازل من فوقه، ويتعاطى ما لا ينال، ويقول ما لا يعلم. وفي الصحيحين أن ابن مسعود قال: أيها الناس، من علم منكم علما فليقل به، ومن لم يعلم فليقل: الله تعالى أعلم، قال الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: قل ما أسئلكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين. انتهى.

وذكر القرطبي عند هذه الآية ما رواه الدارقطني: من حديث نافع عن ابن عمر قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، فسار ليلا فمروا على رجل جالس عند مقراة له، فقال له عمر: يا صاحب المقراة، أولغت السباع الليلة في مقراتك؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: يا صاحب المقراة لا تخبره، هذا متكلف، لها ما حملت في بطونها، ولنا ما بقي شراب، وطهور. وفي الموطأ عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب: أن عمر بن الخطاب خرج في ركب فيهم عمرو بن العاص حتى وردوا حوضا، فقال عمرو بن العاص: يا صاحب الحوض، هل ترد حوضك السباع؟ فقال عمر: يا صاحب الحوض، لا تخبرنا، فإنا نرد على السباع، وترد علينا. انتهى.

ومن صور التكلف المذمومة التي ورد النهي عنها كذلك التكلف للضيف، قال في فتح البيان: وأخرج البخاري عن عمر قال: نهينا عن التكلف ـ وأخرج الطبراني، والحاكم، والبيهقي عن سلمان قال: نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتكلف للضيف. انتهى.

فهذا طرف مما ذكره أهل العلم في معنى التكلف، وأمثلته

وبالجملة؛ فكل ما كان من دعوى الشخص ما ليس له، ونحو ذلك، فهو من التكلف المذموم المنهي عنه، قال ابن عاشور -رحمه الله-: وعطف وما أنا من المتكلفين أفاد انتفاء جميع التكلف عن النبي صلى الله عليه وسلم، والتكلف: معالجة الكلفة، وهي ما يشق على المرء عمله، والتزامه؛ لكونه يحرجه، أو يشق عليه، ومادة التفعل تدل على معالجة ما ليس بسهل، فالمتكلف هو الذي يتطلب ما ليس له، أو يدعي علم ما لا يعلمه. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات