السؤال
ذكرتم في فتاواكم أن الصلاة الفائتة يجب قضاؤها فورا على قول الجمهور، فما هو حد هذه الفورية؟ وهل هذا يعني أن على الشخص أن يبادر بالوضوء والصلاة فورا؟ ولو فعل أشياء عارضة كشرب الماء أو تفقد الجوال أو الاستحمام مثلا فهل يأثم؟
وشكرا.
ذكرتم في فتاواكم أن الصلاة الفائتة يجب قضاؤها فورا على قول الجمهور، فما هو حد هذه الفورية؟ وهل هذا يعني أن على الشخص أن يبادر بالوضوء والصلاة فورا؟ ولو فعل أشياء عارضة كشرب الماء أو تفقد الجوال أو الاستحمام مثلا فهل يأثم؟
وشكرا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فجمهور أهل العلم على وجوب قضاء الفوائت فورا, ومعنى الفور هنا: أن يبدأ الشخص في القضاء أول الإمكان, ويأثم بالتأخير لغير عذر, كما تقدم تفصيله في الفتوى رقم: 232468.
ويجوز تأخير القضاء لحاجة؛ كالأكل, أو الشرب, أو الاستحمام عند الحاجة إليه, أو تفقد الهاتف إذا ترتبت عليه مصلحة في معاشه مثلا, أو كان تركه يترتب عليه ضرر, فهذه من الأشياء التي يجوز تأخير القضاء لأجلها, وإليك بعض كلام أهل العلم في هذه المسألة:
- جاء في الفواكه الدواني للنفراوي المالكي: وأشعر قوله: "كيفما تيسر له" أنه يجب عليه شغل زمانه بالقضاء، وإنما يوسع له في الضرورات التي لا غنى له عنها، كما يدل عليه قول المدونة: ومن عليه صلوات كثيرة أمر أن يصليها متى قدر ووجد السبيل إلى ذلك في ليل أو نهار دون أن يضيع ما لا بد منه من حوائج دنياه من نفقة عياله وصغار أولاده الفقراء أو أبويه الفقراء، ويلحق بذلك درس العلم الواجب عليه، والتمريض، وإشراف القريب على ما يظهر. انتهى.
- وفي الشرح الصغير للدردير المالكي: واستثنى من قوله: "فورا مطلقا" قوله: (إلا وقت الضرورة): أي الحاجة؛ كوقت الأكل, والشرب، والنوم الذي لا بد منه، وقضاء حاجة الإنسان، وتحصيل ما يحتاج له في معاشه. انتهى.
- وفي الإقناع على الفقه الحنبلي: ومن فاتته صلاة مفروضة فأكثر، لزمه قضاؤها مرتبا على الفور، إلا إذا حضر صلاة عيد، ما لم يتضرر في بدنه، أو ماله، أو معيشة يحتاجها، ويجوز التأخير لغرض صحيح؛ كانتظار رفقة أو جماعة لصلاة. انتهى.
- وعند الشافعية يجوز تأخير قضاء الفوائت إذا كان فواتها لعذر شرعي, لكن يندب تعجيل قضائها؛ جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: وقد ألحق الجمهور مطلق الترك بالنوم والنسيان في وجوب القضاء من باب أولى، ويجوز عندهم تأخير الفائتة لغرض صحيح؛ كالأكل، والشرب، والنوم الذي لا بد منه، وقضاء حاجة الإنسان، وتحصيل ما يحتاج له في معاشه.
واستثنى الشافعية من ترك الصلاة لعذر، فإنه يستحب له أن يقضيها على الفور، فإن أخرها جاز، كما روي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- فاتته صلاة الصبح، فلم يصلها حتى خرج من الوادي. قالوا: ولو كانت على الفور لما أخرها. انتهى.
والله أعلم.