الملاكمة في منظار الشرع

0 140

السؤال

هل يمكن أن نعتبر أن لعب الملاكمة وبطولات الملاكمة من الذنوب الصغيرة أو اللمم؟ لأني ألعب ملاكمة، ومن المؤكد أني لن أستطيع تركها لأسباب كثيرة.
اعذروني، لكني لا أستهين بالمعصية، ولكن هذا الموضوع أتعبني، ولا أستطيع نهائيا أن أمسحه من عقلي.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالملاكمة المعتادة محرمة؛ لاشتمالها على إيقاع الضرر بالغير، وضرب الوجه، ولو افترض أنها سلمت من ذلك فلا مانع منها، وانظر الفتوى رقم: 305239، وتوابعها.

فإن كان اشتغالك بالجائز منها فلا بأس، وأما المحرمة منها فنخشى أن يكون ما اشتملت عليه من ضرب الغير بغير مسوغ شرعي من الكبائر؛ قال ابن حجر الهيتمي في الزواجر: (الكبيرة السابعة عشرة بعد الثلاثمائة: ضرب المسلم أو الذمي بغير مسوغ شرعي) أخرج الطبراني بسند جيد عن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من جرح ظهر مسلم بغير حق لقي الله وهو عليه غضبان، وروي أيضا: ظهر المؤمن حمى إلا بحقه (ضعفه ابن حجر، وقال الألباني: ضعيف جدا). ومسلم: إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا. انتهى.

وعلى كل حال؛ فلو فرضنا أنها صغيرة؛ فالإصرار عليها خطير، فالإصرار على الصغائر يجعلها كبائر، كما جاء عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: لا صغيرة مع الإصرار، ولا كبيرة مع الاستغفار.

هذا؛ وننبه إلى أنه لا يجوز للمسلم التساهل بالذنب بحجة أنه ليس من الكبائر، فإن الصغائر إذا اجتمعت على الإنسان أهلكته، قال بعض السلف: لا تنظر إلى صغر الذنب، ولكن انظر إلى عظمة من عصيت.

وقال صلى الله عليه وسلم: إياكم ومحقرات الذنوب؛ فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه. رواه الإمام أحمد في مسنده، وحسنه الأرناؤوط.

وانظر الفتويين: 246751، 138514.

وأما دعواك أنك لا تستطيع أن تتركها: فليست صحيحة؛ بل الواجب على المسلم أن يقول: سمعنا وأطعنا. ويستعين بربه على ترك معصيته؛ ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: لما نزلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لله ما في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شيء قدير. قال: فاشتد ذلك على أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأتوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم بركوا على الركب، فقالوا: أي رسول الله، كلفنا من الأعمال ما نطيق؛ الصلاة، والصيام، والجهاد، والصدقة، وقد أنزلت عليك هذه الآية ولا نطيقها، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم: سمعنا وعصينا. بل قولوا: سمعنا وأطعنا، غفرانك ربنا وإليك المصير. قالوا: سمعنا وأطعنا، غفرانك ربنا وإليك المصير. فلما اقترأها القوم ذلت بها ألسنتهم، فأنزل الله في إثرها: آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملآئكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير. فلما فعلوا ذلك نسخها الله تعالى، فأنزل الله -عز وجل-: لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا. قال: نعم. ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا. قال: نعم. ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به. قال: نعم. واعف عنا واغفر لنا وارحمنآ أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين. قال: نعم.

ونوصيك بالاستعانة بالله أن يعينك على ترك هذه المعصية، ولزوم التضرع له، إنه خير مسؤول.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة