السؤال
ما حكم قول النبي صلى الله عليه وسلم: لو لا أن يشق على أمتي لفرضته عليهم: "السواك"
السؤال هو: هل النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي يفرض على الأمة؟
مع العلم أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما لم يحضر لصلاة التراويح، قال للصحابة: خفت أن يفرضها الله؛ فتشق عليكم.
فما حكم قوله: لو لا أن يشق على أمتي لفرضت عليهم السواك. فمن الذي يفرض؟
وهل سؤالي هذا فيه إثم؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
ففي الحديث: لولا أن أشق على أمتي ـ أو على الناس ـ لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة. متفق عليه.
وفي رواية للبيهقي: لولا أن أشق على أمتي، لفرضت عليهم السواك مع الوضوء. وكذا قال أحمد في حديث تمام: لولا أن أشق على أمتي، لفرضت عليهم السواك، كما فرضت عليهم الوضوء. وكذا قال البيهقي في السنن، في حديث ابن عباس: ما لي أراكم تأتوني قلحا، لولا أن أشق على أمتي، لفرضت عليهم السواك.
والفرض في الشرع يكون بالنص من كلام الله تعالى، أو بالوحي المنزل على النبي صلى الله عليه وسلم، وقد يكون باجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقد رجح أهل العلم مشروعية الاجتهاد له صلى الله عليه وسلم، وهو مذهب الجمهور، ومن هذا فرضية السواك المذكورة في هذه الأحاديث، ولكنه لم يفرضه على الأمة خشية المشقة عليهم.
قال العراقي في طرح التثريب: استدل به أيضا على جواز الاجتهاد للنبي صلى الله عليه وسلم فيما لم يرد فيه نص من الله تعالى، ووجهه أنه جعل المشقة سببا لعدم أمره، فلو كان الحكم متوقفا، لكان سبب انتفاء أمره، عدم ورود النص، لا ورود المشقة. قال النووي: وهذا مذهب أكثر الفقهاء، وأصحاب الأصول، وهو الصحيح المختار. اهـ.
وأما ما في الصحيحين، وغيرهما عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من جوف الليل، فصلى في المسجد، فصلى رجال بصلاته، فأصبح الناس يتحدثون بذلك، فاجتمع أكثر منهم، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في الليلة الثانية، فصلوا بصلاته، فأصبح الناس يذكرون ذلك، فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة، فخرج، فصلوا بصلاته، فلما كانت الليلة الرابعة، عجز المسجد عن أهله، فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فطفق رجال منهم يقولون: الصلاة، فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى خرج لصلاة الفجر، فلما قضى الفجر أقبل على الناس، ثم تشهد فقال: أما بعد فإنه لم يخف علي شأنكم الليلة، ولكني خشيت أن تفرض عليكم صلاة الليل، فتعجزوا عنها
فإن الذي يفرض هنا هو الله تعالى، وقد ترك النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بالسواك، والخروج إليهم ليصلوا معه القيام، شفقة منه على أمته.
كما قال القاضي عياض، في الشفا بتعريف حقوق المصطفى: ومن شفقته على أمته صلى الله عليه وسلم، تخفيفه، وتسهله عليهم، وكراهته أشياء مخافة أن تفرض عليهم. كقوله عليه الصلاة والسلام: لولا أن أشق على أمتي، لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء وخبر صلاة الليل، ونهيهم عن الوصال، وكراهته دخول الكعبة لئلا تتعنت أمته .... اهـ.
والله أعلم.