السؤال
الدين يأمر المسلم بالحفاظ على حياته: لا ضرر ولا ضرار ـ ولكن ذكرت كرامات للسلف بأنهم لا يخافون من الأسود، بل يتعاملون معها مثلما يتعاملون مع الحيوانات المستأنسة، فهل يصح ذلك؟ مثلما حدث لعبد الله بن منير، وعامر بن عبد الله، وغيرهم الكثير؟ فهم علماء أولياء ـ نحسبهم على خير ـ ولكن ما هو المبدأ الذي اعتمدوا عليه في ذلك؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنقول أولا: إنه لا يجوز للمسلم أن يعرض نفسه لما فيه بلاء لغير غرض صحيح، ودليل ذلك هذا الحديث الذي رواه أحمد عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار.
روى أيضا عن أنس ـ رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على رجل من أصحابه يعوده وقد صار كالفرخ فقال له: هل سألت الله عز و جل؟ قال: قلت: اللهم ما كنت معاقبي به في الآخرة فعجله في الدنيا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا طاقة لك بعذاب الله، هلا قلت: اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
وإن ثبت عن بعض السلف شيء من مثل هذه الأمور فتحمل أولا على أنها إكرام من الله تعالى، وقد يكون ذلك أحيانا ثقة منه بالله تعالى، أو في مقام ينصر به دين الله، كما ذكر أهل العلم فيما يتعلق بشرب خالد بن الوليد ـ رضي الله عنه ـ للسم قال شيخ الإسلام ابن تيمية: من السلف من يأتي بالآيات دلالة على صحة الإسلام، وصدق الرسول، كما ذكر أن خالد بن الوليد شرب السم لما طلب منه آية، ولم يضره. اهـ.
وقال أيضا: وخالد بن الوليد حاصر حصنا منيعا، فقالوا: لا نسلم حتى تشرب السم، فشربه، فلم يضره. اهـ.
وأما عبد الله بن منير: فقد أورد قصته الذهبي في سير أعلام النبلاء وفيها: وكان إذا قام من المجلس خرج إلى البرية مع قوم من أصحابه، يجمع شيئا مثل الأشنان وغيره، يبيعه في السوق، ويعيش منه، فخرج يوما مع أصحابه، فإذا هو بالأسد رابض، فقال لأصحابه: قفوا، وتقدم هو إلى الأسد، فلا ندري ما قال له، فقام الأسد، فذهب. اهـ.
وأما عامر بن عبد الله: فلم نقف على قصته، ولعلك أردت أبو عبد الله عامر بن قيس، فله قصة شبيهة مع الأسد.
والله أعلم.