السؤال
هل تجوز الصلاة جماعة قبل أن تقام الجماعة الكبرى وذلك لتعارض الصلاة مع المحاضرة في الجامعة؟
هل تجوز الصلاة جماعة قبل أن تقام الجماعة الكبرى وذلك لتعارض الصلاة مع المحاضرة في الجامعة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فجمهور الفقهاء من المذاهب الأربعة وغيرهم على أن صلاة الجماعة في المسجد سنة وليست فرضا على الأعيان، بل هي فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الآخرين، لكن فعلها جماعة في المسجد أفضل من فعلها جماعة في غير المسجد، قال النسفي في حاشيته على البحر الرائق: اختلف العلماء في إقامتها في البيت.. والأصح أنها كإقامتها في المسجد إلا في الفضيلة، وهو ظاهر مذهب الشافعي. انتهى. وقال ابن المقري في روض الطالب -وهو شافعي-: هي فرض كفاية في أداء مكتوبات المقيمين. انتهى. وقال زكريا الأنصاري في شرح روض الطالب: وليست فرض عين. انتهى. وقال المرداوي في الإنصاف -وهو حنبلي-: الصحيح من المذهب أن فعلها في المسجد سنة. انتهى. وذهب الإمام أحمد في رواية إلى أنها واجبة في المسجد إذا كان المسجد قريبا. كما أن العلماء اختلفوا في حكم صلاة الجماعة، من حيث هي جماعة سواء كانت في المسجد أو غيره، فذهب المالكية والشافعية إلى أنها سنة مؤكدة، قال المواق العبدي في التاج والإكليل: أكثر الشيوخ: سنة مؤكدة. انتهى. وقال النووي في المنهاج: هي -أي الجماعة- في الفرائض غير الجمعة سنة مؤكدة. انتهى. وذهب الأحناف والحنابلة إلى أن صلاة الجماعة واجبة، قال المرداوي في الإنصاف: هذا المذهب بلا ريب، وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم ونص عليه، وهو من مفردات المذهب. وقال ابن عابدين في رد المحتار: وفي النهر عن المفيد: الجماعة واجبة وسنة لوجوبها بالسنة. انتهى. وقال: وفي شرح المنية: والأحكام تدل على الوجوب، من أن تاركها بلا عذر يعزر، وترد شهادته، ويأثم الجيران بالسكوت عنه. انتهى. وقال الخوارزمي في الكفاية على الهداية: وحاصل الخلاف في المسألة أنها فرض عين إلا من عذر، وهو قول أحمد وداود وعطاء وأبي ثور. انتهى. وأما قول المرداوي في الإنصاف: وهو من مفردات المذهب. فلا ينفي قول الأحناف بالوجوب، لاحتمال أخذه القول بالسنية من ظاهر قول الأحناف "سنة مؤكدة" وقد بينا معنى قولهم "سنة" هنا، والمذهب يؤخذ من أهله، والراجح هو وجوب صلاة الجماعة إلا من عذر، سواء كانت في المسجد أو غيره؛ وإن كان فعلها في المسجد أفضل. وبناء على ما سبق فإن صلاتكم جماعة قبل جماعة المسجد صحيحة ولكم فيها ثواب الجماعة، ولأنكم فعلتم الواجب -على الراجح- وهو فعلها في جماعة، ولعدم وجوب الجماعة في المسجد كما قدمنا، وإن كنا نرى أن المحافظة عليها في المسجد عند الاستطاعة أفضل إظهارا لشعائر الدين، وغيظا لأعدائه، وتكثيرا لسواد المسلمين. والله أعلم.