هل ينتفع غير المسلم بتعوذه من الشيطان؟

0 136

السؤال

قول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم تكفي الإنسان من الشيطان، فهل تكفي الإنسان غير المسلم لو تلفظ بها؟ أم يجب أن يكون مسلما؟ وهل يشترط أن يكون مؤمنا شديد الإيمان؟ وهل يجوز أن يتلفظ بها المصلي أثناء ركوعه وسجوده وقيامه من الركوع، وأثناء القراءة إذا غلب عليه الوسواس؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد: 

فالعبادات كلها لا ينتفع بها ولا تقبل إلا ممن كان مسلما، وأما غير المسلم: فلا يقبل منه شيء من الطاعات حتى يأتي بشرط قبولها، وهو الإيمان بالله تعالى، لقوله تعالى: ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين {آل عمران:85}.

فلو ذكر الكافر ربه أو تعوذ به من الشيطان، لم يكن مثابا على ذلك، وأما في الدنيا: فقد يثاب الكافر بحسناته ـ إن شاء الله عز وجل ذلك ـ قال العلامة الشنقيطي رحمه الله: وقد بين جل وعلا في مواضع أخر: أن عمل الكافر الذي يتقرب به إلى الله يجازى به في الدنيا، ولا حظ له منه في الآخرة، كقوله: من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون {11ـ 15ـ 16} وقوله تعالى: من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب {42ـ 20} وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو ما جاءت به هذه الآيات: من انتفاع الكافر بعمله في الدنيا من حديث أنس، قال مسلم بن الحجاج ـ رحمه الله ـ في صحيحه: عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله لا يظلم مؤمنا حسنة يعطى بها في الدنيا ويجزى بها الآخرة، وأما الكافر: فيطعم بحسناته ما عمل بها لله في الدنيا، حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم تكن له حسنة يجزى بها... واعلم أن هذا الذي ذكرنا أدلته من الكتاب والسنة من أن الكافر ينتفع بعمله الصالح في الدنيا: كبر الوالدين، وصلة الرحم، وإكرام الضيف والجار، والتنفيس عن المكروب ونحو ذلك، كله مقيد بمشيئة الله تعالى، كما نص على ذلك بقوله: من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ـ الآية {17ـ 18} انتهى.

وقد بين الله تعالى أنه قد يجيب دعاء الكافر، كما قال تعالى: فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون {العنكبوت:65}.

قال الشهاب: المصرح به في كتب الفتاوى أن دعاء الكافر قد يستجاب. انتهى.

فإذا علمت هذا، فإن التعوذ بالله من الشيطان من جنس الدعاء، فقد يستجيبه الله من الكافر إذا دعا به، ويكون ذلك سببا في هدايته للإسلام، أو عصمته من بعض أذية الشيطان، وتسلطه على الإنس في الدنيا، ثم إن التعوذ بالله تعالى إذا صدر عن مسلم، فهو مظنة الإجابة، وبقدر كمال إخلاص العبد وصدقه في الدعاء يكون رجاء إجابته، وأما التعوذ مع الغفلة والإعراض بالقلب: فهو مظنة عدم الإجابة، كما في الحديث: إن الله لا يقبل دعاء عن ظهر قلب لاه. رواه الحاكم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة