السؤال
هل هناك أي رسول من الملائكة غير سيدنا جبريل عليه السلام؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا شك في أن من الملائكة رسلا سوى جبريل ـ عليه السلام ـ كما نطق به قوله تعالى: الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلا {فاطر:1}، قال القرطبي: الرسل منهم جبريل، وميكائيل، وإسرافيل، وملك الموت -صلى الله عليهم أجمعين-.
وقال ابن كثير: وقوله تعالى: جاعل الملائكة رسلا، أي بينه وبين أنبيائه أولي أجنحة ـ أي يطيرون بها ليبلغوا ما أمروا به سريعا. انتهى.
وأخبر الله أن الوحي تنزل به ملائكة، فقال: ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده {النحل:2}.
وجاء في الحديث ما قد يتبين منه أن غير جبريل كان يأتي النبي صلى الله عليه وسلم بالوحي أحيانا، قال الدكتور عمر الأشقر -رحمه الله-: المطلب الثالث: سفراء الله إلى رسله وأنبيائه.
وقد أعلمنا الله أن جبريل يختص بهذه المهمة: قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقا لما بين يديه {البقرة: 97}، وقال: نزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين {الشعراء: 193-194} وقد يأتي بالوحي غير جبريل ـ وهذا قليل ـ كما في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه عن ابن عباس قال: بينما جبريل قاعد عند النبي صلى الله عليه وسلم سمع نقيضا من فوقه، فرفع رأسه فقال: هذا باب من السماء فتح اليوم، لم يفتح قط إلا اليوم، فنزل منه ملك، فقال: هذا ملك نزل إلى الأرض لم ينزل قط إلا اليوم، فسلم، وقال: أبشر بنورين أوتيتهما، لم يؤتهما نبي قبلك: فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة، لن تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته ـ وفي التاريخ لابن عساكر عن حذيفة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أتاني مالك فسلم علي ـ نزل من السماء، لم ينزل قبلها ـ فبشرني أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة. وفي مسند أحمد، وسنن النسائي عن حذيفة: أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: أما رأيت العارض الذي عرض لي قبيل؟ قال: قلت: بلى، قال: فهو ملك من الملائكة لم يهبط الأرض قبل هذه الليلة، فاستأذن ربه أن يسلم علي، ويبشرني أن الحسن، والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة. انتهى.
وقال المباركفوري عند شرحه لهذا الحديث في مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: هذا يدل على أنه نزل بالفاتحة، وخواتيم سورة البقرة ملك غير جبريل، وقيل: إن جبريل نزل قبل هذا الملك معلما ومخبرا بنزول الملك، فهو مشارك له في إنزالها، وقال القرطبي: إن جبريل نزل بها أولا بمكة، ثم أنزل هذا الملك ثانيا بثوابها. انتهى.
وأخبر الله بتنزل الملائكة على غير الرسل، كما قال: إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة {فصلت:30}.
فيرسل الله ملائكته الكرام لتبشير المؤمن بالجنة عند احتضاره، وللملائكة الكرام وظائف كثيرة، ومهام متعددة أنيطت بهم، ومن المفيد أن تراجع كتاب عالم الملائكة الأبرار للدكتور الأشقر ـ رحمه الله ـ ففيه كفاية في هذا الباب -إن شاء الله-.
والله أعلم.