حكم غسل النجاسة التي تصيب البدن بعد الوضوء

0 192

السؤال

هل شيخ الإسلام ابن تيمية يرى العفو عن يسير النجاسات مطلقا أم يضع ضوابط لذلك؟ وهل إن وقعت النجاسة اليسيرة على قدمي أثناء الاستنجاء هل علي غسلها قبل الوضوء أم بعده؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد: 

فخلاف العلماء فيما يعفى عنه من النجاسات مبين في الفتوى رقم: 134899، وبينا فيها أن شيخ الإسلام رحمه الله يرى العفو عن يسير كل النجاسات مطلقا، قال في الإنصاف: واختار الشيخ تقي الدين العفو عن يسير جميع النجاسات مطلقا في الأطعمة وغيرها حتى بعر الفأر. انتهى، وأما ضابط اليسير عنده فهو ما لا يفحش في النفس على ما قرره في شرح العمدة، قال: والمشهور عنه ما يفحش في النفس لأن ابن عباس قال في الدم: إذا كان فاحشا أعاد، ولأن التقدير مرجعه العرف إذا لم يقدر في الشرع ولا في اللغة، قال الخلال: "الذي استقر عليه قوله: إن الفاحش ما يستفحشه كل إنسان في نفسه" وهذا هو ظاهر المذهب إلا أن يكون قطرة أو قطرتين فيعفى عنه بكل حال؛ لأن العفو عنه لدفع المشقة فإذا لم يستفحشه شق عليه غسله، وإذا استفحشه هان عليه غسله. انتهى.

وأما النجاسة إذا سقطت على رجلك فسواء أزلتها قبل الوضوء أو بعده، ولا يلزمك إزالتها قبل الوضوء لأن الذي يلزم قبل الوضوء عند بعض أهل العلم هو الاستنجاء خاصة، قال في كشاف القناع: فإن توضأ من وجب عليه الاستنجاء (أو تيمم قبله لم يصح) وضوؤه أو تيممه، لقوله ـ عليه السلام ـ في حديث المقداد المتفق عليه يغسل ذكره ثم يتوضأ ولأن الوضوء طهارة يبطلها الحدث فاشترط تقديم الاستنجاء عليه كالتيمم (وإن كانت النجاسة على غير السبيلين أو) كانت (عليهما غير خارجة منهما صح الوضوء والتيمم قبل زوالها) أي النجاسة لأن النجاسة غير الخارجة من السبيلين لم تكن موجبة للطهارتين في الجملة فلم تجعل إحداهما تابعة للأخرى بخلاف الخارجة منهما. انتهى، مع أن الذي مال إلى ترجيحه جمع من المحققين صحة الوضوء قبل الاستنجاء، قال في حاشية الروض: وعنه ـ أي عن أحمد رحمه الله ـ يصح الوضوء وفاقا، ـ أي وفاقا للأئمة الثلاثة ـ وجزم به في الوجيز، قال في مجمع البحرين، هذا أقوى الروايتين، واختاره الموفق والشارح وغيرهما، وصححه في النظم والتصحيح وغيرهما، وكذا التيمم قياسا على الوضوء. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة