السؤال
إذا كان المسلم في حيرة في عدة أمور، لا يدري أيها يختار ويقدم عليه، وهو يسأل الله أن يختار له الأحب إليه، وما يخدم الدين، وينفع المسلمين، ويرفع في الدرجات يوم القيامة، فهل بعد دعائه الله ينتظر انشراح الصدر، أو الجواب من الله؟ أم يجتهد ويختار ويقدم، ثم يصرفه الله أو يوفقه؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء فيما يعول عليه المستخير بعد الاستخارة، والراجح في ما يعتمده العبد بعد الاستخارة، أنه يمضي في أمره، فإن كان هو الخير يسره الله له، وإلا صرفه عنه، قال ابن حجر: واختلف في ماذا يفعل المستخير بعد الاستخارة:
فقال ابن عبد السلام: يفعل ما اتفق، ويستدل له بقوله في بعض طرق حديث ابن مسعود في آخره: ثم يعزم ـ وأول الحديث: إذا أراد أحدكم أمرا فليقل ـ.
وقال النووي في الأذكار: يفعل بعد الاستخارة ما ينشرح به صدره، ويستدل له بحديث أنس عند ابن السني: إذا هممت بأمر فاستخر ربك سبعا، ثم انظر إلى الذي يسبق في قلبك، فإن الخير فيه ـ وهذا لو ثبت لكان هو المعتمد، لكن سنده واه جدا.
والمعتمد أنه لا يفعل ما ينشرح به صدره مما كان له فيه هوى قوي قبل الاستخارة، وإلى ذلك الإشارة بقوله في آخر حديث أبي سعيد: ولا حول ولا قوة إلا بالله. اهـ.
وقال في مرعاة المفاتيح: واختلف في ماذا يفعل المستخير بعد الاستخارة:
فقيل: يفعل ما بدا له، ويختار أي جانب شاء من الفعل والترك، وإن لم ينشرح صدره لشيء منهما، فإن فيما يفعله يكون خيره، ونفعه، فلا يوفق إلا لجانب الخير، وهذا لأنه ليس في الحديث أن الله ينشئ في قلب المستخير بعد الاستخارة انشراحا لجانب، أو ميلا إليه، كما أنه ليس فيه ذكر أن يرى المستخير رؤيا، أو يسمع صوتا من هاتف، أو يلقى في روعه شيء، بل ربما لا يجد المستخير في نفسه انشراحا بعد تكرار الاستخارة، وهذا يقوي أن الأمر ليس موقوفا على الانشراح، وفي الجملة المذكورة في الحديث إنما هو أمر للعبد بالدعاء بأن يصرف الله عنه الشر، ويقدر له الخير أينما كان، وهذا اختاره ابن عبد السلام حيث قال: يفعل المستخير ما اتفق، واستدل له بقوله في بعض طرق حديث ابن مسعود في آخره: ثم يعزم، وأول الحديث: إذا أراد أحدكم أمرا فليقل ـ.
وقال الشيخ كمال الدين الزملكاني: إذا صلى الإنسان ركعتي الاستخارة لأمر، فليفعل بعدها ما بدا له، سواء انشرحت نفسه له أم لا، فإن فيه الخير وإن لم تنشرح له نفسه، وليس في الحديث اشتراط انشراح النفس. اهـ.
والله أعلم.