السؤال
أرغب في شراء سيارة بالتقسيط عن طريق المعرض، ثم بيعها نقدا دون أن أنقل ملكيتها، وإنما تتم المبايعة، وإعداد الكمبيالات، ثم أبيعها بمبلغ حاضر لشخص آخر؛ فينقل هذا الشخص ملكية السيارة من المعرض مباشرة، والسبب في ذلك أنني بحاجة إلى مبلغ (سيولة) وأسدد للمعرض أقساطا كل شهر، ونقل الملكية يكلفني مبلغا أعتبره خسارة، فهل هذا البيع صحيح؟ ثم إنني لو بعت السيارة لنفس المعرض مرة أخرى، فهل يصح ذلك؟ فأشتري السيارة من المعرض بمبلغ 30 أقساطا، ثم أعود وأبيعها لنفس المعرض ب 20 نقدا، وأسدد للمعرض أقساطه كل شهر، والسيارة تكون باسم المعرض في هذه البيعة، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فأما الصورة الأولى، وهي: أن تشتري السيارة من المعرض بثمن مؤجل، وبعد دخولها في ملكك، وضمانك، وحوزتك، تبيعها لغير المعرض بثمن حال، ولو كان أقل مما اشتريتها به، دون أن تسجل الملكية باسمك، فلا حرج في ذلك، وتسجيل الملكية لدى الجهات الرسمية، إجراء قانوني محض، لا يؤثر في صحة البيع، والسيارة تدخل في ملكك مباشرة بمجرد إتمام العقد بينك، وبين صاحب المعرض.
ومن ثم؛ فلا يلزمك نقل الملكية باسمك، ولا سيما إذا كان ذلك يكلفك مالا، ولا تريد استخدام السيارة. وهذا المعاملة هي المسماة بالتورق، ولا حرج فيه على الراجح، جاء في الروض المربع ما نصه: ومن احتاج إلى نقد، فاشترى ما يساوي مائة بأكثر؛ ليتوسع بثمنه، فلا بأس، وتسمى مسألة التورق. وذكره في الإنصاف وقال: وهو المذهب، وعليه الأصحاب. اهـ.
وفي قرار مجمع الفقه: فالتورق الحقيقي، يقوم على شراء حقيقي لسلعة بثمن آجل، تدخل في ملك المشتري، ويقبضها قبضا حقيقيا، وتقع في ضمانه، ثم يقوم ببيعه هو بثمن حال لحاجته إليه. اهـ.
وأما الصورة الثانية وهي: أن تبيع السيارة لنفس المعرض، بثمن أقل مما اشتريتها به منه، نقدا، فهذا لا يجوز، وهو من بيع العينة المحرم؛ وقد قال صلى الله عليه وسلم: إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد، سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم. رواه أبو داود، وغيره.
قال المناوي في فيض القدير مبينا بيع العينة: وهو أن يبيع سلعة بثمن معلوم لأجل، ثم يشتريها منه بأقل، ليبقى الكثير في ذمته. اهـ.
وقال السبكي في شرحه على المهذب: وفسر أبو عبيد العينة: هو أن يبيع الرجل من رجل سلعة، بثمن معلوم، إلى أجل مسمى، ثم يشتريها منه بأقل من الثمن الذي باعها به. اهـ.
والله أعلم.