السؤال
زنيت مع أختي في الصغر قبل البلوغ، ولم أكن أعرف عن الغسل، أو أي شيء، ولم أكن أنزل، ولكنني كنت أدخل ذكري فيها، فهل يجب علي الغسل وقتها؟ وهل العمر التي أخذتها وأنا على هذه الحالة صحيحة أم لا؟ وهل صلواتي صحيحة أم لا؟ علما أنني بعد البلوغ لم أتذكر أنني اغتسلت فورا، ولم أعلم عن الغسل، وهل العمر التي بعد البلوغ صحيحة، حتى وإن لم أغتسل أم إنها ليست صحيحة؟ وماذا علي فعله؟ وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما فعلته فعل قبيح غاية القبح، ولكن الإثم مرتفع عنك لكونك لم تكن بالغا حال مقارفة هذا المنكر الشنيع على حد قولك، ولكننا ننبهك إلى أن البلوغ يحصل بإحدى ثلاثة أمور: إما إنزال المني في النوم أو اليقظة، وإما نبات الشعر الخشن حول القبل، وإما بلوغ خمس عشرة سنة.
فإن كنت فعلت ما ذكر قبل حصول شيء من هذه الأمور الثلاثة، فقد كان الغسل واجبا عليك، والحال ما ذكر إذا أردت أن تصلي، أو تطوف في قول كثير من أهل العلم، وليس معنى القول بوجوبه أنك تأثم بتركه، لكن معناه أن صلاتك، وطوافك لا يصحان بدون الغسل، قال النووي في شرح المهذب: وأما الصبي إذا أولج في امرأة، أو دبر رجل، أو أولج رجل في دبره، فيجب الغسل على المرأة والرجل، وكذا إذا استدخلت امرأة ذكر صبي فعليها الغسل، ويصير الصبي في كل هذه الصور جنبا، وكذا الصبية إذا أولج فيها رجل أو صبي، وكذا لو أولج صبي في صبي، وسواء في هذا الصبي المميز وغيره، وإذا صار جنبا لا تصح صلاته ما لم يغتسل، كما إذا بال لا تصح صلاته حتى يتوضأ: ولا يقال: يجب عليه الغسل، كما لا يقال: يجب عليه الوضوء، بل يقال: صار محدثا، ويجب على الولي أن يأمره بالغسل إن كان مميزا، كما يأمره بالوضوء، فإن لم يغتسل حتى بلغ لزمه الغسل، كما إذا بال ثم بلغ يلزمه الوضوء. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: فصل: فإن كان الواطئ، أو الموطوء صغيرا، فقال أحمد: يجب عليهما الغسل، وقال: إذا أتى على الصبية تسع سنين، ومثلها يوطأ، وجب عليها الغسل، وسئل عن الغلام يجامع مثله ولم يبلغ، فجامع المرأة، يكون عليهما جميعا الغسل؟ قال: نعم، قيل له: أنزل أو لم ينزل؟ قال: نعم... وليس معنى وجوب الغسل في الصغير التأثيم بتركه، بل معناه أنه شرط لصحة الصلاة، والطواف، وإباحة قراءة القرآن، واللبث في المسجد، وإنما يأثم البالغ بتأخيره في موضع يتأخر الواجب بتركه. انتهى.
وإذا علمت هذا؛ فصلواتك التي صليتها على هذه الحال غير صحيحة على هذا القول، وكذا طوافك الذي طفته قبل أن تغتسل غير مجزئ.
ومن ثم؛ فإنك لم تحل من أول إحرام أحرمته بالعمرة إلا بعد، إذ اعتمرت عمرة صحيحة وطفت فيها طوافا مجزئا، ولا يجب عليك على هذا القول -نعني القول بوجوب الغسل عليك، والحال هذه- قضاء شيء من الصلوات؛ لأن غير البالغ غير مكلف.
وأما إن كنت أخرت الاغتسال بعد البلوغ: ففي وجوب القضاء عليك للمدة التي تركت فيها الغسل بعد بلوغك خلاف مبين في الفتوى رقم: 125226.
وإذا شككت في وقت اغتسالك، فإنه يضاف إلى أقرب زمن يحتمل حصوله فيه، وما ارتكبته من محظورات الإحرام قبل أن تحل من إحرامك بطواف صحيح، فإنه معفو عنه، وتعذر فيه بجهلك عند كثير من أهل العلم، وذهب بعض العلماء إلى أن الغسل لا يجب على من دون البلوغ بتغييب الحشفة في الفرج، جاء في شرح الدردير: لا مراهق ـ أي مقارب للبلوغ ـ فلا يجب عليه ـ أي الغسل ـ خلافا لبعضهم. انتهى.
وعلى هذا القول؛ فصلواتك وعمرك قبل البلوغ وبعده صحيحة.
وما دام الأمر قد فات، فلا حرج عليك في الاعتداد بهذا القول، وتقليد من يراه، وانظر الفتوى رقم: 125010.
والله أعلم.