السؤال
ما نوع الإعجاز في قوله تعالى (فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية)؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
ففي هذه الآية من الإعجاز أنواع.. من ذلك:
أولا: الإعجاز البياني.
ثانيا: إخباره تعالى بأحوال الأمم السالفة، وما كان من أمرهم.
ثالثا: قدرته تعالى وقهره لجميع مخلوقاته، وظهور الآيات العجيبة بإنجائه لعباده المؤمنين، وبأن شق لهم في البحر طريقا يبسا.
رابعا: جعل سبحانه للماء الخاصية الصلبة فثبت كالجبال حتى خرج موسى ومن معه من المؤمنين، ثم أطبقه تعالى على فرعون ومن معه من الكافرين، ومن هنا نعلم أن الله تعالى هو الذي وهب المخلوقات خصائصها وهو القادر تعالى على سلبها، فخاصية النار الإحراق ولكن جعلها الله بردا وسلاما على إبراهيم -عليه السلام-، قال الله تعالى: قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم [الأنبياء:69]، وخاصية الأرض الصلابة، فجعلها الله سائلة تحت أقدام قارون حتى غاص هو وداره في الأرض، قال الله تعالى: فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين [القصص:81].
قال الإمام البيضاوي -رحمه الله- في تفسيره لهذه الآية 3/213: فاليوم ننجيك، ننقذك مما وقع فيه قومك من قعر البحر ونجعلك طافيا، أو نلقيك على نجوة من الأرض ليراك بنو إسرائيل.... (ببدنك) في موضع الحال أي ببدنك عاريا من الروح، أو كاملا سويا، أو عريانا من غير لباس... أو بدرعك وكانت له درع من ذهب يعرف بها، "لتكون لمن خلفك آية" لمن وراءك علامة، وهم بنو إسرائيل إذ كان في نفوسهم من عظمته ما خيل إليهم أنه لا يهلك، حتى كذبوا موسى -عليه السلام- حين أخبرهم بغرقه إلى أن عاينوه مطرحا على ممرهم من الساحل، أو لمن يأتي بعدك من القرون إذا سمعوا مآل أمرك ممن شاهدك عبرة ونكالا عن الطغيان، أو حجة تدلهم على أن الإنسان على ما كان عليه من عظم الشأن وكبرياء الملك مملوك مقهور بعيد عن مظان الربوبية. انتهى.
وقد ذكر في بعض الآراء والروايات التاريخية أن الفترة التي عاش فيها فرعون كانت خلال القرن الثالث عشر قبل الميلاد، وكان خروج بني إسرائيل من مصر في الثلث الأخير من ذلك القرن، وهي فترة توافق حكم رمسيس الثاني المشهور في عصرنا، وجثته معروضة في أحد المتاحف المصرية الآن كما يقال، وهذا ما يزيد آية يونس وضوحا، ويكون معنى "لمن خلفك آية" أي آية مشاهدة لمن خلفك من القرون، وانظر الفتوى: 13174، والفتوى: 27843.
والله أعلم.