السؤال
حصل لأخي حادث سير، وكسرت له أضلاع، وحدث له كسور في الحوض، وتهشمت أذنه، وجرح كتفه جرحا أدى لخياطته، وقال لي: إنه كانت عليه خدوش بسيطة في ظهره، فذهبت إلى المحكمة كشاهد على ما حصل معه، فقال لي المحامي قبل أن أدخل: لا تنس ذكر العملية التي في ظهر أخيك، وأنا لا أعرف أنه عمل عملية في ظهره، فدخلنا أنا والمحامي إلى القاضي لأدلي بشهادتي، وحلفت على المصحف وذكرت ما حصل مع أخي من إصابات وأضفت أن أخي عمل عملية لظهره، وأنا بداخلي أقصد ظهره السفلي، فهل تعتبر خياطة الكتف جزءا من الظهر، ويكون حلفي بهذه الطريقة ليس كذبا؟ مع العلم أنني عندما حلفت كان ما أعرفه أنه لم يعمل عملية بظهره أصلا، فهل حلفت كذبا على كتاب الله؟ وما الواجب علي؟ علما أنني قد سمعت أنه ليست لها كفارة، وهل هي يمين غموس، ولا كفارة لها؟ وإن صمت ثلاثة أيام، فهل تكفي؟ وهل يشفع من يحلف اليمين الغموس لا تقبل له شفاعة يوم القيامة؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن السائل قد حلف هذه اليمين وهو يعتقد أنها على خلاف الواقع، حيث يقول: أنا بداخلي أقصد ظهره السفلي ـ ومعلوم أن الكتف ـ وإن دخل في الظهر ـ فليس سفليا، ومن ثم؛ فلا يمكن حمل اليمين على خياطة كتفه؛ وبذلك تكون هذه اليمين كاذبة.
وقد أكد ذلك السائل بقول: عندما حلفت كان ما أعرفه أنه لم يعمل عملية بظهره أصلا... على أن اليمين التي يطلبها القاضي، أو نائبه مما يتعلق به حق الغير، لا يجوز فيها التورية، أو التعريض، بل لا بد أن تكون على نية المستحلف، وراجع في ذلك الفتويين رقم: 79807، ورقم: 7100.
والخلاصة أن هذه اليمين يمين كاذبة، والجمهور على أن الواجب فيها هو التوبة، ورد ما اقتطع بها من حق للغير، وذهب الإمام الشافعي إلى وجوب الكفارة فيها، وهو رواية عن الإمام أحمد، وبه قال ابن حزم، والأفضل أن يجمع صاحبها بين التوبة منها وبين تكفيرها، احتياطا، وراجع في ذلك الفتويين رقم: 72278، ورقم: 110773.
ثم إن كفارة اليمين لا يجزئ فيها الصوم، إلا عند العجز عن الإطعام، والكسوة، والعتق، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 2053.
وأما قول السائل: هل يشفع من يحلف اليمين الغموس لا تقبل له شفاعة يوم القيامة ـ فلم نستبن معناه.
ولا نعلم دليلا شرعيا يقرن بين اليمين الغموس والحرمان من الشفاعة.
وعلى أية حال؛ فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له، فإن تبت من ذلك توبة نصوحا، فنرجو أن لا يكون عليك منه تبعة يوم القيامة.
والله أعلم.