أنا شاب عمري 25سنة، أعيش مع أبي في بيت العائلة، ونحن في بلدة ريفية، ولدينا بقالة، وأنا وأخي نقف في المحل، وهذا المحل ملك لنا، وأبي يجعلنا نبيع فيه الدخان، وقد من الله علي بالالتزام، فعرضت الأمر على أمي، وقلت بأن هذا الربح حرام، لكنها لم تستجب لي، وأبي عصبي جدا وجائر علينا، وأوامره لابد من تنفيذها، فقررت أن أوقف بيع الدخان.... ثم جاء شخص فقال لوالدتي أحمد لا يبيع دخان، ثم ابتدأت الحرب وقالت لن أغادر المحل إلا عندما يأتي أبوك، فلما جاء أبي قالت له أحمد يريد أن يستشيرك في أمر بيع الدخان..... فغضب وقال لي من لا يعجبه هذا العمل فليبحث عن غيره، فقررت أن أسافر، وسأبيعه إلى أن يأتي موعد السفر، فماذا أفعل؟ وهل أترك البيت أم أعصيه، مع العلم أن والدتي مريضة وعندما يحدث شجار بيننا فمن الممكن أن يحدث لها شيء؟.

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالدخان محرم، وفيه كثير من الأضرار الاقتصادية والاجتماعية والصحية، وسبق أن أوضحنا ذلك في الفتوى رقم: 1671.

فلا يجوز بيعه، وقد أحسنت بالامتناع عن بيعه في متجر أبيك، ولا يجوز لك طاعته في أمره إياك ببيعه، روى البخاري ومسلم عن علي ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول اله صلى الله عليه وسلم: لا طاعة في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف.

وينبغي بذل النصح له في هذا الأمر مع الدعاء له، عسى أن يوفق إلى التوبة من ذلك، هذا مع مراعاة الأدب في الإنكار على الوالد، كما بيناه في الفتوى رقم: 134356.

ولو أتى النصح من قبل من له مكانة عنده من أهل العلم والفضل كان أرجى للنفع، وإذا أصر على بيعك الدخان، فلا تجوز لك طاعته ـ كما أسلفنا ـ فابحث عن مجال آخر للعمل مع الاجتهاد في كسب رضاه واتقاء سخطه، وتحري الحكمة حتى لا تتضرر أمك.

وأما تركك البيت: فقد ذكر أهل العلم أن الابن البالغ الرشيد ليس لأبيه حضانة عليه، وأن له أن يستقل في مسكنه عن والديه، قال ابن قدامة في المغني: فأما البالغ الرشيد: فلا حضانة عليه، وإليه الخيرة في الإقامة عند من شاء من أبويه، فإن كان رجلا، فله الانفراد بنفسه، لاستغنائه عنهما، ويستحب أن لا ينفرد عنهما، ولا يقطع بره عنهما. اهـ.

فلك الخروج للبحث عن عمل ونحو ذلك، وننبه هنا إلى أن الانتفاع بمال من كان ماله مختلطا فيه الحلال بالحرام يكره ولا يحرم، وانظر في هذا فتاوانا رقم: 49873. 

والله أعلم.