الواجب على من وقع في معصية أن يستر على نفسه

0 141

السؤال

أنا بنت في الـ 17 من العمر، عندي أخلاق، ودين، وجمال -والحمد الله-، السنة الماضية تعرفت بالإنترنت على شخص من خارج البلد، رغم أني ما كنت أكلم الشباب أو أخالطهم، لكن مع الوقت قال لي: أريني صورتك إذا أعجبتني سآتي لخطبتك. فأعطيته، ومع الوقت طلب صوري عارية، وبعد ترددي قبلت لأنه الوحيد بحياتي، يعاملني بحب، أهلي منذ ولدت اشتهيت يحضنوني، يقولون لي نحبك، ويعطونني هدايا مثل أخواتي. وندمت بعدما أعطيته، وتعبت نفسيا، وتركته. بعدها بسبعة أشهر رجع قال لي: سأتزوجك، وسآتي أخطبك، بسببك تغيرت، وأنت أطيب واحدة. لكن ما قبلت، خفت منه، ومع الوقت تعرفت على واحد آخر من خارج البلد، ووعدني بالزواج، وقال لي: أنت فقط لي، آخذك، لكن قبل عدة أسابيع تركني، وقال لي: ما أريدك. كسرت، وفي نفس الوقت أهلي صدموني، أنا صحتي تدهورت أكثر، وهم لم يوافقوا أن يأخذوني للدكتور، وكسرت أكثر منهم، ومستحملة المشاعر كلها هذه داخلي.
أنا تبت لكن ما زلت أحس أني شريرة، وسيئة، وزانية، رغم أني أحب الكل، وأتمنى لهم الخير، وأدعو لهم، ولا أعبس في وجوهم مهما صار، لكن يا ترى هل أنا زانية؟ وربي لن يسامحني؟ خائفة وأريد الذهاب لسوريا لأدرس الأطفال، لكني محتاجة لأحد يتزوجني، ويحميني، ويسترني، ويتقبل ماضي، ووالله سأكون زوجة صالحة له، وما يهمني ماضيه، المهم يكون صالحا، ويحبني، ويعينني على العبادة، أقبل أن يحبسني، ويلبسني البرقع، والستار، والنقاب، وما أشتغل، المهم تكون عندي أسرة متدينة معه، لن أطلب شيئا في المهر غير ما نذكر في الشرع، لكن من سيقبلني بماضي الأسود وينساه.
هل أنا زانية؟ وهل أستحق زوجا صالحا أم أنا سيئة وشريرة؟
تأنيب الضمير يقتلني، ساعدوني.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فما يعرف بعلاقات الحب بين الشباب والفتيات، سواء كانت تلك العلاقات عبر الإنترنت أو الهاتف أو غيرها؛ فكلها منكرة لا تجوز، وهي باب شر وفساد.
وما حصل منك من المحادثة وإرسال الصور العارية ونحو ذلك؛ فهو منكر بلا ريب، وليس هو من الزنا الحقيقي الذي يوجب الحد، ولكنه من الزنا المجازي، فقد سماه النبي -صلى الله عليه وسلم- زنا؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا، مدرك ذلك لا محالة؛ فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطى، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه". متفق عليه.

وعلى أية حال؛ فما دمت تائبة من هذا الذنب، فلا حرج عليك؛ فإن التوبة تمحو ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، حتى لو كنت وقعت في الزنا الحقيقي، ثم تبت توبة صادقة، فإن وصف الزنا يزول بالتوبة؛ قال ابن قدامة -رحمه الله- في كلامه على نكاح المرأة الزانية: "... وهي قبل التوبة في حكم الزنى، فإذا تابت زال ذلك؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- التائب من الذنب كمن لا ذنب له، وقوله: التوبة تمحو الحوبة". المغني لابن قدامة (7/ 142).

واعلمي أن الواجب على من وقع في معصية وتاب منها: أن يستر على نفسه، ولا يخبر بها أحدا، فاحذري أن تخبري خاطبا أو غيره بما سبق من معاصيك، وأبشري خيرا بتوبتك، واحذري من الرجوع إلى تلك العلاقات المحرمة بحجة السعي إلى الزواج، فإن هذا الطريق ليس هو الطريق المشروع، وإنما يجوز للمرأة أن تعرض نفسها على الرجل الصالح ليتزوجها، وذلك بضوابط وآداب مبينة في الفتوى رقم: 108281.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة