السؤال
هل يوجد حديث عن عائشة -رضي الله عنها- أنها سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- عن شكها في خروج ريح أثناء صلاتها، فقال لها: إنه الشيطان، وأن لا تنصرف حتى تسمع أو تشم ريحا؟
هل يوجد حديث عن عائشة -رضي الله عنها- أنها سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- عن شكها في خروج ريح أثناء صلاتها، فقال لها: إنه الشيطان، وأن لا تنصرف حتى تسمع أو تشم ريحا؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالحديث الذي تشيرين إليه حديث مشهور رواه البخاري ومسلم وغيرهما، ولكن ليس بالصيغة التي ذكرت كما أنه لم يرو عن عائشة -رضي الله عنها- فيما نعلم.
وهو كما في الصحيحين وغيرهما عن عباد بن تميم عن عمه، أنه شكا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الرجل الذي يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة؟ فقال: لا ينفتل -أو لا ينصرف- حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا.
والشاكي في هذا الحديث مختلف فيه هل هو الراوي نفسه أي عم عباد بن تميم واسمه عبد الله بن زيد أم أنه شخص آخر مبهم، وسبب الخلاف هو ضبط فعل شكي هل هو بالبناء للمجهول أم بالبناء للفاعل، فمن ضبطه بالبناء للمجهول جعل الشاكي غير معلوم، ومن ضبطه بالبناء على الفاعل جعل الشاكي هو راوي الحديث عبد الله بن زيد.
جاء في عمدة القاري شرح صحيح البخاري: قوله شكى جملة في محل الرفع على أنها خبر أن، وهو صيغة المعلوم، والضمير فيه يرجع إلى عبد الله بن زيد عم عباد؛ لأنه هو الشاكي، وقوله الرجل بالنصب مفعوله، وضبطه النووي في شرح مسلم رواية مسلم عن عمه شكي إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الرجل يخيل إليه الحديث فقال: شكي بضم الشين وكسر الكاف، والرجل مرفوع، ثم قال: ولم يسم هنا الشاكي.
وجاء في رواية البخاري أنه عبد الله بن زيد الراوي، قال: ولا ينبغي أن يتوهم من هذا أن شكي بفتح الشين والكاف، ويجعل الشاكي عمه المذكور، فإن هذا الوهم غلط.
قلت: دعوى الغلط غلط، بل يجوز الوجهان شكى بصيغة المعلوم، والشاكي هو عبد الله بن زيد، والرجل حينئذ بالنصب مفعوله، وشكي بصيغة المجهول، والشاكي غير معلوم، والرجل حينئذ بالرفع على أنه مفعول ناب عن الفاعل.
وفي التوضيح لشرح الجامع الصحيح: هذه الرواية ظاهرها أن الشاكي عبد الله بن زيد، وضبط النووي في "شرح مسلم" رواية مسلم، عن عمه شكى إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الرجل يخيل إليه .. الحديث. فقال: شكي بضم الشين وكسر الكاف، والرجل مرفوع.
ثم قال: ولم يسم هنا الشاكي، وجاء في رواية البخاري، أنه عبد الله بن زيد الراوي.
قال: ولا ينبغي أن يتوهم من هذا أن شكى بفتح الشين والكاف، وبجعل الشاكي هو عمه المذكور، فإن هذا الوهم غلط. هذا لفظه، ولم يظهر لي وجه الغلط في ذلك، فإن العم هو عبد الله بن زيد، وإن كان هو الشاكي فلم لا تصح قراءة شكى بالفتح. اهـ.
وفي إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري: (أنه شكا) بالألف أي: عبد الله بن زيد. كما صرح به ابن خزيمة. اهـ.
وفي منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري: معنى الحديث: يحدثنا عبد الله بن زيد -رضي الله عنه- "أنه شكا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الرجل الذي يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة" أي: شكا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- حال الرجل الذي يحس أثناء الصلاة كأن شيئا قد خرج منه، ويشك في خروج الريح منه أثناء ذلك، ما حكمه؟ وهل ينتقض وضوؤه أم لا؟ اهـ.
والله أعلم.