حكم زكاة من له وعليه ديون تسدد بالأقساط

0 136

السؤال

عندي سؤال حول الزكاة: نصاب الزكاة في الجزائر 400 ألف دينار، وعندي مبلغ 2 مليون دينار حال عليه الحول (أي: أكثر من نصاب الزكاة)، وأقرضت أختي قرضا حسنا بمبلغ 800 ألف دينار على أن تدفع لي كل شهر قدر المستطاع إلى أن تسدد المبلغ في غضون سنوات قليلة، وعندي أقساط يجب أن أدفعها للحصول على شقة بمبلغ أكثر من 10 ملايين دينار، والأقساط تدفع كل ستة أشهر. مع العلم أن راتبي الشهري يعادل نصاب الزكاة.
فكيف أخرج الزكاة لهذه السنة؟ أم أمتنع عن إخراجها لغاية تسديد مبلغ المنزل؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فالأقساط التي ذكرت أنك ستدفعها للحصول على الشقة إن كان هذا الدين قد استقر في ذمتك وصرت ملزما به فلا يخلو حالك من أمرين:

أولهما: أن لا يكون عندك مال آخر -كعقار أو سيارة ونحوهما- زائدا عن حاجتك يمكن أن تجعله في مقابلة الدين الذي عليك، ففي هذه الحال لا زكاة عليك في مالك عند جمهور أهل العلم؛ لأن الدين يسقط الزكاة في الأموال الباطنة (الذهب، والفضة، والنقود، وعروض التجارة)، والدين الذي عليك يستغرق كل المال الذي عندك فلا زكاة عليك فيه؛ قال ابن قدامة في المغني: وجملة ذلك أن الدين يمنع وجوب الزكاة في الأموال الباطنة -رواية واحدة-، وهي: الأثمان، وعروض التجارة. وبه قال عطاء، وسليمان بن يسار، وميمون بن مهران، والحسن، والنخعي، والليث، ومالك، والثوري، والأوزاعي، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وقال ربيعة، وحماد بن أبي سليمان، والشافعي في جديد قوليه: لا يمنع الزكاة. اهـ.
وقال في موطن آخر: وإنما يمنع الدين الزكاة إذا كان يستغرق النصاب، أو ينقصه، ولا يجد ما يقضيه به سوى النصاب، أو ما لا يستغني عنه. اهـ.

وانظر المزيد في الفتويين: 128734، 111959.

ثانيهما: أن تملك مالا آخر زكويا زائدا عن حاجتك يمكن أن تجعله في مقابلة الدين الذي عليك، ففي هذه الحال يجب عليك أن تزكي مالك ولا تسقط الزكاة بالدين هنا.

وأحرى بعدم سقوط الزكاة بالدين إذا كان الدين أصلا لم يستقر في ذمتك بعد، فإنه يجب عليك أن تزكي كل المال الذي عندك، ولا تسقط زكاته بذلك الدين الذي لم يستقر.

ومتى وجبت عليك الزكاة في المال فإنك تزكي كل المبلغ الذي عندك ما دام بالغا النصاب وحال عليه الحول، كما تجب عليك زكاة المبلغ الذي أقرضته لأختك سواء كان الدين حالا أو مؤجلا، فمن كان له دين على الناس وجبت عليه زكاته؛ لأن إقراض المال للغير لا تزول به ملكيته له ؛ قال صاحب إعانة الطالبين -وهو من كتب الشافعية-: فالزكاة في المال الذي أقرضه واجبة عليه؛ لأن ملكه لم يزل بالقرض رأسا، لأنه بقي بدله في ذمة المقترض. اهـ.

إلا أن الأقساط التي لم تحل بعد هي في حكم الدين على المعسر، تزكيها إذا قبضتها عن كل السنين؛ جاء في الموسوعة الفقهية: ذهب الحنابلة وهو الأظهر من قولي الشافعية: إلى أن الدين المؤجل بمنزلة الدين على المعسر؛ لأن صاحبه غير متمكن من قبضه في الحال، فيجب إخراج زكاته إذا قبضه عن جميع السنوات السابقة، ومقابل الأظهر عند الشافعية: أنه يجب دفع زكاته عند الحول ولو لم يقبضه. اهـ.

وانظر الفتوى رقم: 147423؛ ففيها مزيد تفصيل عن كيفية زكاة من له دين على الناس كيف يزكيه، وانظر أيضا الفتوى رقم: 130746، والفتوى رقم: 226312، والفتوى رقم: 158771.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة