السؤال
أبونا الخليل إبراهيم (عليه السلام) يسمى عند اليهود و المسيحية بـ أبراهام، ما سبب هذا الاختلاف؟
ويقال أيضا أن اسمه الأصلي هو أبرام ولكن تم تغييره بأمر من الله عند عمر 99 تقريبا إلى أبراهام أو إبراهيم، هل هذا صحيح؟
هل يجوز تسمية الأبناء أبرام وأبراهام؟ هل يجوز أن يقول من يسمى إبراهيم أن اسمه أبراهام عندما يتحدث مع الأجانب (حتى يكون الاسم مألوفا لهم بدل إبراهيم)؟.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إبراهيم وإبراهام اسمان ثابتان عند المسلمين، وتجوز التسمية بهما، فقد قرأ الجمهور إبراهيم بالياء، وقرأ ابن عامر الدمشقي إبراهام بالالف في بعض السور كما في النشر في القراءات العشر (2/ 221)
وقد جاء في فضائل القرآن للقاسم بن سلام (ص: 295): عن يزيد بن أبي مالك، قال: هو إبراهام وإبراهيم، مثل يعقوب وإسرائيل. انتهى.
قال ابن عاشور في التحرير والتنوير: (إبراهيم) اسم الرسول العظيم الملقب بالخليل وهو إبراهيم بن تارح (وتسمي العرب تارح آزر) بن ناحور بن سروج، ابن رعو، ابن فالح، ابن عابر ابن شالح ابن أرفكشاد، ابن سام ابن نوح هكذا تقول التوراة، ومعنى إبراهيم في لغة الكلدانيين أب رحيم أو أب راحم قاله السهيلي وابن عطية، وفي التوراة أن اسم إبراهيم إبرام وأن الله لما أوحى إليه وكلمه أمره أن يسمى إبراهيم لأنه يجعله أبا لجمهور من الأمم، فمعنى إبراهيم على هذا أبو أمم كثيرة. انتهى.
وجاء في تفسير المنار للعلامة محمد رشيد رضا: (إبراهيم) هو الاسم العلم لخليل الرحمن، أبي الأنبياء الأكبر من نوح، عليهم الصلاة والسلام... وكان اسم إبراهيم (أبرام) بفتح الهمزة، وقالوا: إن معناه (أبو العلاء) فهو مركب من كلمة " أب " العربية السامية مضافة إلى ما بعدها، وفي سفر التكوين أن الله تعالى ظهر له في سن التاسعة والتسعين من عمره وكلمه، وجدد عهده له بأن يكثر نسله ويعطيه أرض كنعان (فلسطين) ملكا أبديا، وسماه لذريته (إبراهيم) بدل (أبرام) وقالوا: إن معنى إبراهيم (أبو الجمهور) العظيم أي أبو الأمة، وهو بمعنى تبشير الله تعالى إياه بتكثير نسله من إسماعيل ومن إسحاق عليهم الصلاة والسلام، ولا ينافي ذلك كسر همزته، فقد علم أن أصلها الفتح، وأن " إب " المكسورة في إبراهيم هي أب المفتوحة في أبرام، فالجزء الأول منه عربي، والثاني كلداني أو من لغة أخرى من فروع السامية أخوات العربية التي هي أعظمها وأوسعها، حتى جعلها بعض علماء اللغات هي الأصل والأم لسائر تلك الفروع السامية كالعبرية والسريانية، وذكر رواة العربية في هذا الاسم سبع لغات عن العرب وهي إبراهيم وابراهام وابراهوم وابراهيم مثلثة الهاء وأبرهم بفتح الهاء بلا ألف، وصرح بعضهم بأنه سرياني الأصل ثم نقل، وبعضهم بأن معناه أب راحم أو رحيم، وعلى هذا يكون جزآه عربيين بقلب حائه هاء كما يقلبها جميع الأعاجم الذين لا ينطقون بالحاء المهملة كالإفرنج، وتركيبه مزجي، وفي "القاموس المحيط " كغيره "أن تصغيره بريه أو أبيره وبريهيم" قال شارحه عند الأول: قال شيخنا: وكأنهم جعلوه عربيا وتصرفوا فيه بالتصغير، وإلا فالأعجمية لا يدخلها شيء من التصريف بالكلية. انتهى.
ومما ذكر يتبين لك أنه لا مانع من الإخبار بأن اسم الشخص: إبراهام لوروده في القرآن كما تقدم، وأما التسمي بإبرام فإنه يخشى أن يكون من الأسماء المختصة بالكفار، وبالتالي فالأحسن تجنبه، وانظر الفتوى رقم: 71291، وليس من شك في أن الأولى التسمي بالاسم الذي جاء في القرآن، وسمى به النبي صل الله عليه وسلم فقد أخرج مسلم وأحمد عن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أصبح وقال: "إنه ولد لي في الليلة ولد وإني سميته باسم أبي إبراهيم".
والله أعلم.