السؤال
ما هو حكم الخنثى المشكل في الآخرة كيف ستكون هيئته أو حاله؟
وما الفرق بين الخنثى والمخنث؟ وأيضا كيف سيكون حال المخنث في الجنة الذي يتشبه بالنساء؟ أرجو منكم الإجابة على السؤال، وأن تكون الإجابة وافية، ولكم خالص الشكر.
ما هو حكم الخنثى المشكل في الآخرة كيف ستكون هيئته أو حاله؟
وما الفرق بين الخنثى والمخنث؟ وأيضا كيف سيكون حال المخنث في الجنة الذي يتشبه بالنساء؟ أرجو منكم الإجابة على السؤال، وأن تكون الإجابة وافية، ولكم خالص الشكر.
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فالخنثى المشكل في اصطلاح الفقهاء "من له آلتا الرجال والنساء، أو من ليس له شيء منهما أصلا، وله ثقب يخرج منه البول" اهـــ من الموسوعة الفقهية.
والخنثى في حقيقته إما ذكر وإما أنثى، وإنما اشتبه علينا أمره، وليس ثم نوع ثالث للإنسان، قال ابن قدامة في المغني: ولا يخلو من أن يكون ذكرا أو أنثى، قال الله تعالى: {وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى} [النجم: 45]، وقال تعالى: {وبث منهما رجالا كثيرا ونساء} [النساء: 1]، فليس ثم خلق ثالث. اهـــ
وأما كيف سيكون حاله في الآخرة فمن حيث الثواب والعقاب هو كسائر الناس، وداخل في عموم قوله تعالى: من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد {فصلت:46}، وقوله تعالى: فأما من ثقلت موازينه * فهو في عيشة راضية * وأما من خفت موازينه * فأمه هاوية {القارعة:6-9}.
وأما هيئته، فإن كنت تعني هل سيبقى خنثى أو يصبح ذكرا أو أنثى فهذا لا نعلم فيه شيئا واردا في الكتاب أو السنة، والعلم بهذا لا يترتب عليه عمل ولا ينفع كما أن الجهل به لا يضر.
وأما المخنث فهو الذكر الذي يتشبه بالنساء في مشيهن أو كلامهن أو حركاتهن، وليس هو الخنثى الذي أشكل أمره، بل هو ذكر، ولهذا جاء في حديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: لعن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ المخنثين من الرجال... رواه البخاري، فالمخنث رجل لكنه يتشبه بالنساء، جاء في الموسوعة الفقهية عن تخنث الرجل: هو التزيي بزي النساء والتشبه بهن في تليين الكلام عن اختيار، أو الفعل المنكر. اهــــ
وأما حاله في الآخرة فإن كان عاصيا بتخنثه فهو آثم وعلى خطر عظيم؛ لأنه متوعد وملعون كما لعن شارب الخمر وآكل الربا، وقد عد أهل العلم التخنث من الكبائر كما قال الهيتمي في الزواجر.
وإن لم يكن عاصيا بتخنثه فإنه ليس آثما، فقد قسم أهل العلم المخنث إلى ضربين، جاء في تحفة الأحوذي: قال النووي المخنث ضربان: أحدهما من خلق كذلك ولم يتكلف التخلق بأخلاق النساء وزيهن وكلامهن وحركاتهن وهذا لا ذم عليه ولا إثم ولا عيب ولا عقوبة لأنه معذور.
والثاني من يتكلف أخلاق النساء وحركاتهن وسكناتهن وكلامهن وزيهن فهذا هو المذموم الذي جاء في الحديث لعنه. اهـــ
وأما كيف سيكون المخنث في الجنة، فالجنة ليس فيها مخنثون وذلك أنه من دخل الجنة ولو كان من العصاة؛ سواء كان مخنثا أو غيره فإنه يدخلها وقد طهره الله تعالى من كل صفة ذميمة وخلق مشين، فأهل الجنة ينقيهم الله تعالى ويهذبهم قبل أن يدخلوها، روى البخاري من حديث أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يخلص المؤمنون من النار، فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار، فيقص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة... الحديث ، قال الجوهري: التهذيب كالتنقية ورجل مهذب أي مطهر الأخلاق، وقال السعدي في معرض حديث عن الجنة: لأنها الدار الطيبة، ولا يليق بها إلا الطيبون. انتهى، وقد سبق وأن ذكرنا في الفتوى رقم: 103498، أن أهل العلم ذكروا أن أهل الجنة مطهرون من الأخلاق السيئة.
والله تعالى أعلم.