السؤال
أنا قبل فترة طويلة كنت صغيرة السن، وجاهلة بالعلم، فقط كنت عاطفية بدون علم.
ومرة جمعت تغريدات أحد الأشخاص المعروفين جدا على أحد الساحات، وغردت بها في تويتر، وأتوقع أنه رآها عدد كبير جدا، وحملوها أيضا. والآن الرابط مقفل، يعني أصبح محذوفا، ولكن قبلها الآن تبت إلى الله تعالى، وأنا خائفة جدا بعد ما علمت حقيقتهم، وأصبح اليأس أحيانا يمتلكني بما صنعت يداي، وإذا تذكرته فقط أصاب بحزن شديد، وأتذكر القبر والحساب، وأخاف جدا، وأتمنى أني ما أكون موجودة في الدنيا.
أرجوكم بعد الله سبحانه وتعالى ساعدوني، ماذا أفعل في نفسي؟ وماذا أعمل؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن المراد بالسؤال غير واضح.
لكن عموما: قد ذكرت أنك كنت جاهلة، والجهل من موانع التكليف في الجملة، فمن فعل شيئا من الشرع جاهلا غير عالم بحرمته، فإنه غير مؤاخذ؛ قال الشيخ/ ابن عثيمين -رحمه الله-: للتكليف موانع، منها: الجهل، والنسيان، والإكراه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. رواه ابن ماجه، والبيهقي. وله شواهد من الكتاب والسنة تدل على صحته. فالجهل: عدم العلم، فمتى فعل المكلف محرما جاهلا بتحريمه فلا شيء عليه. اهـ. وانظري الفتوى رقم: 287896.
وكذلك: من فعل محرما عالما بحرمته على وجه العمد، ثم تاب منه توبة نصوحا، فإن ذنبه مغفور -بإذن الله-. وانظري حول التوبة وشروطها الفتوى رقم: 5450.
ومن تاب من ذنب، فإنه لا يضره بقاء أثر ذنبه الذي لا يقدر على إزالته، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 308086.
فالذي نوصيك به هو التجافي عن القنوط والحزن، وأن تشتغلي بالتوبة والاستغفار، فإن العبد مأمور بالتوبة على كل حال؛ قال ابن القيم: ومنزلة التوبة أول المنازل، وأوسطها، وآخرها، فلا يفارقه العبد السالك، ولا يزال فيه إلى الممات، وإن ارتحل إلى منزل آخر ارتحل به، واستصحبه معه، ونزل به، فالتوبة هي بداية العبد ونهايته، وحاجته إليها في النهاية ضرورية، كما أن حاجته إليها في البداية كذلك، وقد قال الله تعالى: {وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون} [النور: 31]. وهذه الآية في سورة مدنية، خاطب الله بها أهل الإيمان وخيار خلقه أن يتوبوا إليه، بعد إيمانهم وصبرهم، وهجرتهم وجهادهم، ثم علق الفلاح بالتوبة تعليق المسبب بسببه، وأتى بأداة لعل المشعرة بالترجي، إيذانا بأنكم إذا تبتم كنتم على رجاء الفلاح، فلا يرجو الفلاح إلا التائبون، جعلنا الله منهم.
قال تعالى: {ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون} [الحجرات: 11]. قسم العباد إلى تائب وظالم، وما ثم قسم ثالث البتة، وأوقع اسم الظالم على من لم يتب، ولا أظلم منه، لجهله بربه وبحقه، وبعيب نفسه وآفات أعماله. اهـ. من مدارج السالكين.
والله أعلم.