االبرهان على صحة نسبة دواوين السنة المعتبرة لأصحابها

0 193

السؤال

هل يمكن أن تكون كتب الأحاديث محرفة ولو واحد بالمائة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن قصدت بتحريف كتب الأحاديث أن دواوين السنة المعتبرة كموطأ الإمام مالك، ومسند الإمام أحمد، وصحيحي البخاري ومسلم، والسنن الأربعة، وغيرها، منحولة عن أصحابها، أو أدخل فيها ما ليس منها: فهذا قول باطل من افتراءات أعداء السنة، بل نجزم بصحة نسبة هذه الكتب إلى أصحابها.

وقد رد هذه الشبهة العلامة ابن الوزير اليماني في كتابه (العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم) حيث قال -رحمه الله-: كتب الحديث مختصة بصرف العناية من العلماء إلى سماعها وضبطها وتصحيحها، وكتابة خطوطهم عليها شاهد لمن قرأها بالسماع، ناطقة لمن سمعها بالإذن في روايتها، ولا يوجد في شيء من كتب الإسلام مثل ما يوجد فيها من العناية الكثيرة في هذا الشأن حتى صار كأن هذا خصيصة لها دون غيرها من العلماء -رضي الله عنهم-، وتعظيم لشعارها، ورفع لمنارها، ومعرفة أنها أساس العلوم الإسلامية، وركن الفنون الدينية. انتهى.

ثم ذكر وجوها في رد هذه الفرية فقال: أحدها: أن الكتاب معلوم بالضرورة على سبيل الإجمال أنه تأليف لصاحبه، فإنا نعلم بالضرورة أن محمد بن إسماعيل البخاري صنف كتابا في الحديث، وأنه هذا المقروء المسموع المتداول بين الناس.

وثانيها: أن أهل الكذب والتحريف قد يئسوا من الكذب في هذه الكتب المسموعة، فكما أنه لا يمكن أحدا أن يدخل في "اللمع" مسألة في جواز المسح على الخفين، ويقول: إنه مذهب الهادي -عليه السلام-، ويخفى ذلك على حفاظ مذهبه -عليه السلام-، فكذلك لا يمكن أحدا أن يزيد في صحيح البخاري حديث: "القرآن كلام الله غير مخلوق"، ولا حديث: "أبو بكر خليفتي على أمتي"، ونحو ذلك من الموضوعات.

وثالثها: أن النسخ المختلفة كالرواة المختلفين، واتفاقها يدل على صحة ما فيها عن البخاري قطعا، أو ظاهرا، فإنك إذا وجدت الحديث في نسخة منه نسخت باليمن، ووجدته في نسخة نسخت بالمغرب، وفي نسخة نسخت بالشام، ونحو ذلك، ووجدته في شرحه الذي شرحه عالم في بعض أقطار الإسلام، ووجدته في الكتب المستخرجة من الصحاح الجامعة لما فيها، والمختصرة منها فتجده في "جامع الأصول" لأبي السعادات ابن الأثير، وتجده في كتاب "المنتقى في الأحكام" لعبد السلام ابن تيمية، وتجده في كتاب "الإلمام" للشيخ/ تقي الدين محمد بن علي القشيري، وتجده في كتاب "الجمع بين الصحيحين" للحافظ الحميدي. وتجده في كتب الفقه البسيطة التي يشرح فيها مذاهب العلماء ويذكر فيها حججهم. انتهى.

وأما إن قصدت بالتحريف أن كتب الأحاديث فيها الضعيف والموضوع والمنكر: فهذا كثير، ولكن تصدى لها جهابذة النقاد فبينوا زيفها وضعفها، وحذروا الناس منها، وقد قيل لابن المبارك -رحمه الله-: هذه الأحاديث الموضوعة؟ قال: يعيش لها الجهابذة. كما في كتاب التعديل والتجريح للباجي.

وللفائدة يرجى مراجعة هذه الفتاوى: 132402، 137308، 212818.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة