السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين أما بعد
هل يجوز أن نتجاوز عدد التسبيحات التي أوصانا بها النبي صلى الله عليه و سلم مثلآ في حديثه من سبح مائة تسبيحة له ألف حسنة هل يجوز أن نقول مائة وعشرين أو أكثر ومتى يجوز لنا أن نتجاوز بعض الأعداد ومتى لا يجوز
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد فتح الشرع الباب أمام الذاكرين، قال الله تعالى: فاذكروني أذكركم(البقرة: من الآية152) وقال تعالى:فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا(البقرة: من الآية200) وقال تعالى: فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم(النساء: من الآية103)
وفي الحديث المتفق عليه من حديث هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول الله تعالى: أنا عند حسن ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا، وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة.
والأحاديث والآيات في هذا الباب كثيرة جدا، وهي ترغب في الإكثار من ذكر الله تعالى، وتحث عليه بدون حد.
وما ما ورد من الأذكار محددا بعدد معين فلا مانع من الزيادة فيه، والدليل على ذلك ما أخرجه النسائي والطبراني من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: من قال سبحان الله مائة مرة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها كان أفضل من مائة بدنة، ومن قال الحمد لله مائة مرة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها كان أفضل من مائة فرس يحمل عليها، ومن قال الله أكبر مائة مرة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها كان أفضل من عتق مائة رقبة، ومن قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير مائة مرة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، لم يجئ يوم القيامة أحد بعمل أفضل من عمله إلا من قال قوله أو زاد.
ويدل على ذلك أيضا الحديث المتفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب، وكتبت له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك.
قال الباجي المالكي في المنتقى شرح الموطأ: ثم قال: إلا رجل عمل أكثر من ذلك لئلا يظن السامع أن الزيادة على ذلك ممنوعة كتكرار العمل في الوضوء. ا.هـ
وقال ابن مفلح في الفروع: 1/398 بعد ذكر استحباب الاستغفار ثلاثا بعد الصلاة ما نصه: والمقصود من العدد أن لا ينقص منه، وأما الزيادة فلا تضر.. لأن الذكر مشروع في الجملة فهو يشبه المقدر في الزكاة إذا زاد عليه. انتهى.
ومثل ذلك قال إبراهيم بن مفلح صاحب المبدع.
وقال العلامة ابن القاسم في حاشيته على تحفة المحتاج: الوجه الذي اعتمده جمع من شيوخنا كشيخنا الإمام البرلسي وشيخنا الإمام الطبلاوي حصول هذا الثواب إذا زاد على الثلاث والثلاثين في المواضع الثلاثة، فيكون الشرط في حصوله عدم النقص عن ذلك خلافا لمن خالف.
قال ابن حجر الهيتمي في التحفة: 2/107: تنبيه: كثر الاختلاف بين المتأخرين في من زاد على الورد كأن سبح أربعا وثلاثين، فقال القرافي يكره لأنه سوء أدب، وأيد بأنه دواء، وهو إذا زيد فيه على قانونه يصير داء، وبأنه مفتاح وهو إذا زيد على أسنانه لا يفتح، وقال غيره: يحصل له الثواب المخصوص مع الزيادة، ومقتضى كلام الزين العراقي ترجيحه، لأنه بالإتيان بالأصل حصل له ثوابه، فكيف تبطله زيادة من جنسه، واعتمده ابن العماد بل بالغ فقال: ... اعتقاد عدم حصول الثواب ... قول بلا دليل، يرده عموم (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها). ا.هـ
والراجح من الأدلة جواز الزيادة لما ذكرنا.
والله أعلم.