السؤال
الإنسان عندما يدعو الله سبحانه وتعالى بظهر الغيب في صدره، ويسر الدعاء، فهل الكرام الكاتبون يكتبون الحسنات الغيبية، مع أن الملائكة لا تعلم الغيب؟ وسمعت أن الملائكة ترفع الأعمال كل اثنين وخميس، فهل ترفع الأدعية التي نكتمها، وهل الأفضل أن نقرأ أذكار الصباح والمساء جهرا أم سرا؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن ما يجول في الصدر، وما يفكر به العبد، أو يدعو به في قلبه دون تلفظ به لا يخفى أن الله سبحانه وتعالى يعلم ذلك كله، فهو سبحانه يعلم السر وأخفى، كما قال تعالى: وهو عليم بذات الصدور {الحديد:6}، وانظر الفتوى: 27312.
أما الملائكة: فلا يعلمون من الغيب إلا ما أطلعهم الله تعالى عليه، كما قال تعالى: عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا * إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا {الجن:27}.
وقد اختلف العلماء في كتابتهم لذكر القلب، فقيل: لا يكتبونه؛ لأنهم لم يطلعوا عليه، وقيل: يطلعهم الله عليه، فيكتبونه، جاء في شرح مسلم للإمام النوي: قال القاضي: واختلفوا هل تكتب الملائكة ذكر القلب؟ فقيل: تكتبه، ويجعل الله تعالى لهم علامة يعرفونه بها، وقيل: لا يكتبونه؛ لأنه لا يطلع عليه غير الله، قلت: الصحيح أنهم يكتبونه.
وإن كان قصدك بالسر ما يتلفظ به العبد سرا بحركة لسانه، وشفتيه دون صوت، فإن الملائكة تكتب ذلك، وترفعه مع أعمال العبد، كما ترفع غيره من أعماله كل اثنين وخميس، كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: تعرض الأعمال يوم الاثنين، والخميس.. الحديث. رواه الترمذي، وأحمد، وغيرهما، وصححه الألباني. وفي لفظ: ترفع أعمال بني آدم كل يوم الاثنين، ويوم الخميس.
وأما الأذكار المشروعة في الصباح والمساء، وغيرها من الأذكار، والأدعية: فالأفضل أن تكون قراءتها بصوت يسمعه صاحبه، ولا حرج عليه في رفع الصوت، أو الإسرار بها، ولكنها لا تجزئ إذا لم يتلفظ بها، كما قال النووي في الأذكار: اعلم أن الأذكار المشروعة في الصلاة وغيرها، واجبة كانت، أو مستحبة، لا يحسب شيء منها، ولا يعتد به حتى يتلفظ به.
وجاء في غذاء الألباب للسفاريني الحنبلي: اتفق العلماء على أنه لا يحسب للذاكر شيء من الأذكار الواردة حتى يتلفظ به.
والله أعلم.