0 181

السؤال

الفرق التي كفرها العلماء -كالقاديانية، والبهائية، والباطنية، والقرامطة، وأدعياء النبوة، إلى آخرها- هل يكفرون كلهم: عامتهم، وعلماؤهم، وغيرهم بدون استثناء أم إن هناك تفصيلا؟ وماذا أعتقد؟ هل أكفرهم جميعا دون تفريق؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فأمثال هذه الفرق الباطنية المارقة ليس في كفرهم شبهة، ولا تردد، وقد سبق ذكر شيء من عقائدهم، وحكم علماء الإسلام في بعضهم، فراجع الفتاوى التالية أرقامها: 105675، 5419، 16666، 20553، 40935.

وقد قرر أعضاء مجمع الفقه الإسلامي بالإجماع خروج البهائية، والبابية عن شريعة الإسلام، واعتبارها حربا عليه، وكفر أتباعهما كفرا بواحا لا تأويل فيه.

وكل طائفة كافرة بلا شبهة، فالأصل أن لعوامهم حكم رؤوسهم الذين يؤيدونهم، وينصرونهم؛ لأنهم ينتسبون إليهم، ويوالونهم، فلهم حكم ما انتسبوا إليه من الدين المخترع الباطل، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: من شايع من العوام إماما من أئمة الكفر والضلال، وانتصر لسادتهم وكبرائهم بغيا وعدوا؛ حكم له بحكمهم كفرا وفسقا، قال الله تعالى: {وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا * ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا}، واقرأ الآية رقم 165، 166، 167 من سورة البقرة، والآية رقم: 37، 38، 39 من سورة الأعراف، والآية رقم :21، 22 من سورة إبراهيم، والآية رقم: 28، 29 من سورة الفرقان، والآيات رقم: 62، 63، 64 من سورة القصص، والآيات رقم: 31، 32، 33 من سورة سبأ، والآيات رقم: 20 حتى 36 من سورة الصافات، والآيات 47 حتى 50 من سورة غافر، وغير ذلك في الكتاب والسنة كثير؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قاتل رؤساء المشركين وأتباعهم، وكذلك فعل أصحابه، ولم يفرقوا بين السادة والأتباع. اهـ.

وهذا لا يحتاج إلى تفصيل إلا في حق العامي الذي ينسب نفسه إلى القبلة، ويشهد الشهادتين، ويقر بالإسلام، ويجهل حقيقة ملة هؤلاء الباطلة المناقضة للإسلام، فهذا الجاهل قد يكون مسلما في الباطن، وهذا ما يشير إليه كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في حق عوام الإسماعيلية، والقرامطة، الجاهلين بحقيقة حالهم، حيث قال في منهاج السنة: الإمامية الاثنا عشرية خير منهم ـ يعني الإسماعيلية الذين يقولون بعصمة بني عبيدـ بكثير؛ فإن الإمامية مع فرط جهلهم، وضلالهم فيهم خلق مسلمون باطنا وظاهرا ليسوا زنادقة منافقين، لكنهم جهلوا وضلوا، واتبعوا أهواءهم، وأما أولئك ـ يعني الإسماعيلية ـ فأئمتهم الكبار العارفون بحقيقة دعوتهم الباطنية زنادقة منافقون، وأما عوامهم الذين لم يعرفوا باطن أمرهم، فقد يكونون مسلمين. اهـ.

وقال في مجموع الفتاوى: وأما هؤلاء القرامطة، فإنهم في الباطن كافرون بجميع الكتب، والرسل، يخفون ذلك ويكتمونه عن غير من يثقون به؛ لا يظهرونه كما يظهر أهل الكتاب دينهم؛ لأنهم لو أظهروه لنفر عنهم جماهير أهل الأرض من المسلمين، وغيرهم ...

فهؤلاء القرامطة هم في الباطن والحقيقة أكفر من اليهود والنصارى، وأما في الظاهر فيدعون الإسلام ... وهذا الذي ذكرته حال أئمتهم، وقادتهم العالمين بحقيقة قولهم، ولا ريب أنه قد انضم إليهم من الشيعة، والرافضة من لا يكون في الباطن عالما بحقيقة باطنهم، ولا موافقا لهم على ذلك، فيكون من أتباع الزنادقة المرتدين الموالي لهم الناصر لهم؛ بمنزلة أتباع الاتحادية الذين يوالونهم ويعظمونهم، وينصرونهم ولا يعرفون حقيقة قولهم في وحدة الوجود، وأن الخالق هو المخلوق، فمن كان مسلما في الباطن، وهو جاهل معظم لقول ابن عربي، وابن سبعين، وابن الفارض، وأمثالهم من أهل الاتحاد، فهو منهم، وكذا من كان معظما للقائلين بمذهب الحلول والاتحاد؛ فإن نسبة هؤلاء إلى الجهمية، كنسبة أولئك إلى الرافضة، والجهمية، ولكن القرامطة أكفر من الاتحادية بكثير؛ ولهذا كان أحسن حال عوامهم أن يكونوا رافضة جهمية، وأما الاتحادية ففي عوامهم من ليس برافضي، ولا جهمي صريح؛ ولكن لا يفهم كلامهم؛ ويعتقد أن كلامهم كلام الأولياء المحققين. اهـ.

وقال الشيخ الدكتور يوسف الغفيص في شرح حديث الافتراق: قد ينتسب -في أعقاب من التاريخ- بعض الأعيان إلى طائفة هي من جهة أصولها من الطوائف الكفرية، المعلومة الكفر بالضرورة؛ لكونه لم يعرف من مذهبها إلا جملة من ظاهره، وأما خفي المذهب، وجوهره فليس عليما به، فإذا كان كذلك، فإنه لا يعطى حكم هذه الطائفة ... مثلا: أصل فكرة القاديانية الغالية فكرة رافضة للإسلام، وهي فكرة نقل الإسلام والنبوة إلى العجم، وبلاد الهند، لكن أصبح كثير من عوام المسلمين أتباعا لهذه الدعوة، فهل يصح أن يقال عن هؤلاء: إنهم يعطون الحكم الذي يعطاه الغالية الملتزمون لأصول المذهب، وحقائق المذهب؟ هذا ليس بلازم. وهذه قاعدة تطرد: لا يلزم أن يعطى المنتسب لظاهر المذهب، حكم المذهب الذي هو الجوهر، والذي لا يلزم أن يظهر لجميع العوام. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الصوتيات