السؤال
في قصة ما أنه جاء رجال إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام ومعهم صبي حسن، فأجلسه رسول الله عليه الصلاة والسلام خلف ظهره، وقال: إنما كانت خطيئة داود النظر -أو شيئا مثل هذا- فقلت في نفسي: يستحيل أن يكون وقع في قلب النبي صلى الله عليه وسلم شيء من الصبي، فهو منزه عن ذلك، وكلما تذكرت القصة أقول ذلك، وأظل أردد ذلك، لكني أحس أني أصدق خلاف ذلك، مع أني كلما جاء ذلك في نفسي أظل أحاول أن أتناسى الموضوع، وأقول: إن الرسول عليه الصلاة والسلام يستحيل أن يقع في مثل هذا، فهل ما يقع في نفسي من شك، يمكن أن يخرجني من الإسلام؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يعافيك، ويصرف عنك السوء، ويهديك لأرشد أمرك، فقد تبين لنا جليا -من سؤالك هذا، وأسئلتك السابقة- أن الوساوس قد بلغت منك مبلغا عظيما، وأضرت بك ضررا بالغا، وسبب ذلك هو استرسالك معها، واستسلامك لها، وعدم مجاهدتك نفسك في تركها، والإعراض عنها، وقد بينا مرارا وتكرارا أن أفضل علاج للوساوس بعد الاستعانة بالله، هو الإعراض عنها، وعدم الاكتراث بها، ولا الالتفات إلى شيء منها، وانظر الفتوى رقم: 51601.
فما ذكرته من الشك في طهارة قلب النبي صلى الله عليه وسلم، إنما هي وساوس الشيطان، ودليل ذلك خوفك من الوقوع في الكفر، وهو ما يفيد أنك لم تكفر، ولم تشك.
وأما الحديث الذي ذكرته عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهو حديث منكر لا يصح، فقد حكم عليه غير واحد من أهل العلم بالنكارة والوضع، منهم شيخ الإسلام ابن تيمية -كما في مجموع الفتاوى- فقد ذكره بلفظ: قدم وفد عبد القيس على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيهم غلام أمرد ظاهر الوضاءة، فأجلسه النبي صلى الله عليه وسلم وراء ظهره، وقال: كانت خطيئة داود في النظر. ثم قال: هذا حديث منكر. انتهى.
وقال الشوكاني في الفوائد المجموعة: لا أصل له، وفي إسناده مجاهيل. انتهى.
وقال الألباني: موضوع. ونقل عن ابن الصلاح في مشكل الوسيط أنه قال فيه: لا أصل لهذا الحديث. انتهى.
وعن الزركشي في تخريج أحاديث الشرح أنه قال: هذا حديث منكر، فيه ضعفاء، ومجاهيل، وانقطاع. انتهى.
والله أعلم.