0 181

السؤال

سألتكم سابقا عن إنكار الإجماع الذي بعد الصحابة، فقلتم: لا بأس، يمكن أن يتكرر؛ لأنه يصعب اجتماع الأمة بعد ذلك الوقت, وبينتم لي أن هنالك من ضعف الحديث الذي معناه: "لا تجتمع أمتي على ضلالة", ولا أذكر رقم الفتوى، فمن أنكر ذلك الإجماع الذي بعد الصحابة والقرون الثلاثة الأولى، حتى لو قدر للأمة أن تجتمع كلها، ولا تتفرق، هل يعتبر فاسقا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن إنكار الإجماع بعد حصوله فعلا في العصور المتأخرة يعد فسقا إذا ثبت للمنكر حصوله، فقد عد أهل العلم مخالفه مرتكبا كبيرة؛ لقوله جل ذكره: ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا {النساء: 115}، ولقوله صلى الله عليه وسلم: من فارق الجماعة قيد شبر، فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه. رواه أحمد.

قال ابن حزم -رحمه الله-: ومن خالفه ـ أي الإجماع ـ بعد علمه به، أو قيام الحجة عليه بذلك فقد استحق الوعيد المذكور في الآية. اهـ.

وقال القاضي أبو يعلى -رحمه الله-: الإجماع حجة مقطوع عليها، يجب المصير إليها، وتحرم مخالفته، ولا يجوز أن تجتمع الأمة على الخطأ. اهـ.

وفي حاشية العطار على شرح المحلي لجمع الجوامع: قوله: وخرقه حرام ـ أي من الكبائر للتوعد عليه في الآية, ثم ظاهره شمول القطعيK والظني، مع أن الظنيات تجوز مخالفتها لدليل، فإما أن يبقى كلامه على عمومه ويراد أن خرقه لغير دليل حرام، أو يخص بالقطعي، أي وخرق القطعي منه حرام. اهـ.

وقال الزركشي في البحر المحيط: وأما منكر إجماع من بعدهم ـ أي الصحابة ـ بلا سبق خلاف، فيضلل، ويخطأ من غير إكفار... اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة