السؤال
شخص عمره 40 سنة، لم يصل أبدا، ولم يدخل مسجدا، ولم يذكر الله، ولم يسمع قرآنا، ولا يحب سماع القرآن، وليس مصابا بسحر، ولا عين؛ لأنه أنشط من عشرة أسود، وهو متسلط على إخوته، وأخواته، وأرحامه، وأقربائه، يسعى لفرقتهم، وقد فرقهم، وفرق جميع أرحامه، وسعى لتطليق إخوانه، وأخواته، ويفرح بهذا؛ لأنه خبب بينهم، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنات العفيفات، ويسعى لتشويه سمعة، ومسيرة كل شخص يعرفه، وحتى من لا يعرفه، وصاحب ظنون خبيثة، وأفكار مظلمة، حاقد، حاسد، جاهل لا يفعل خيرا أبدا، نظامه: آخذ منك ولا أعطيك، أضرك وأشردك، وأشتت أمورك، لكن لا تضرني، والكل يدعو عليه، ووالدته تعرف، وساكتة عن أموره، وتقول: من يدعو عليه أدعو عليه، فهل في هذه الحالة يقبل دعاؤها؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإنه يجوز الدعاء على الظالم، ولا سيما إذا كثر ظلمه، ويشمل الجواز المظلومين، وغيرهم، فقد قال الله عز وجل: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعا عليما {النساء:148}.
قال ابن كثير في التفسير: قال ابن عباس في الآية: يقول: لا يحب الله أن يدعو أحد على أحد، إلا أن يكون مظلوما، فإنه قد أرخص له أن يدعو على من ظلمه، وذلك قوله: (إلا من ظلم )، وإن صبر فهو خير له. انتهى.
ودل على جواز الدعاء على الظالم من غير المظلوم، ما رواه أبو داود عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشكو جاره، فقال: اذهب فاصبر. فأتاه مرتين، أو ثلاثا، فقال: اذهب فاطرح متاعك في الطريق. فطرح متاعه في الطريق، فجعل الناس يسألونه فيخبرهم خبره، فجعل الناس يلعنونه: فعل الله به، وفعل، وفعل. فجاء إليه جاره فقال له: ارجع، لا ترى مني شيئا تكرهه. وصححه الألباني.
وقد قال العلامة/ محمد مولود في محارم اللسان:
وجاز أن تدعو على من ظلما ولو لغيرك بموت أو عمى.
أما عن دعاء الأم، فلا يستجاب إذا كان دعاؤها على أحد بغير حق؛ لأنها تعتبر -والحالة هذه- ظالمة، آثمة، والداعي بالإثم لا يستجاب له، كما في الحديث الذي رواه مسلم، وغيره: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم، أو قطيعة رحم.
وفي تفسير القرطبي: ومن شرط المدعو فيه أن يكون من الأمور الجائزة الطلب، والفعل شرعا، كما قال: (ما لم يدع بإثم، أو قطيعة رحم) فيدخل في الإثم كل ما يأثم به من الذنوب، ويدخل في الرحم جميع حقوق المسلمين، ومظالمهم. اهـ.
والله أعلم.