السؤال
لماذا لا نقطع بالنار لمن مات على الكفر بين أظهر المسلمين، مع استفاضة النصوص على دخول النار لمن مات على الكفر؟ وقد قرأت فتاوى عندكم وكلاما للشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ ولكنها لم تكن شهادة بغير علم، وقد أكد عليها القرآن الكريم مرارا: إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به ۗ أولئك لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يقطع بالخلود في النار لمن مات على الكفر فعلا بعد إقامة الحجة عليه، كما قال الله تبارك وتعالى في سورة النساء: إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا إلا طريق جهنم خالدين فيها أبدا وكان ذلك على الله يسيرا.
وقال تعالى في سورة الأحزاب: إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا خالدين فيها أبدا لا يجدون وليا ولا نصيرا.
وقال تعالى في سورة الجن: ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا.
وصح عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال: والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار. رواه مسلم.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة. رواه البخاري ومسلم.
قال النووي في شرح مسلم: هذا نص صريح في أن من مات على الكفر لا يدخل الجنة أصلا، وهذا النص على عمومه بإجماع المسلمين. اهـ.
وأما القطع بذلك لشخص معين: فلا يصح إلا في شخص نزل فيه الوحي أنه من أهل النار، جاء في فتاوى الشيخ ابن جبرين: أما الشهادة بالنار لمعين: فلا تجوز أيضا إلا لمن ورد فيه النص، فقد ورد النص مثلا في أبي لهب: سيصلى نارا ذات لهب {المسد:3} وكذلك في أبي جهل لما قتل أخذ النبي صلى الله عليه وسلم يوبخه هو ومن معه ويقول: هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا؟ فإني وجدت ما وعدني ربي حقا ـ وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم في أبي طالب: أنه في ضحضاح من نار ـ والحاصل أن من ورد النص بأنه من أهل النار يشهد له بذلك. اهـ.
وفي جواب سؤال: ما حكم من حكم على كافر بعينه بعد موته أنه في النار؟ وهل ينكر عليه قوله؟ قال الشيخ ناصر بن عبد الكريم العقل: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالحكم على الكافر الذي يموت على الكفر الخالص إن كان المقصود به أنه يدخل في جملة الكافرين دون الجزم على المعين، فلا حرج، أما الجزم في مصير الكافر المعين باسمه، فلا يجوز إلا ما ثبت في حقه النص الشرعي كفرعون وأبي لهب مثلا، لا شكا في مصير الكافر الخالص، لكن لا أحد يجزم على أية حال مات في آخر لحظة، فإن ذلك لا يعلمه إلا علام الغيوب. اهـ
والله أعلم.