السؤال
كنت أمارس العادة السرية ليلا والجو بارد، فلا أستطيع الغسل من الجنابة عند الفجر خوفا من أن أمرض، فأتيمم لصلاة الفجر، وحدث هذا عدة مرات، ثم قرأت أن التيمم لا يجوز في هذه الحالة، وقد تبت إلى الله الآن -والحمد لله- وأريد أن أعرف ما الذي ينبغي علي فعله حتى تقبل توبتي؟ وكيف أقضي صلواتي غير الصحيحة ـ صلاة الفجر فقط- لأنني كنت أغتسل في النهار؟ وهل أقضيها في كل وقت؟ أم أنتظر الصبح أم الليل؟ وإن كان في كل وقت، فهل أقضيها جهرا أم سرا؟ وإذا أردت قضاء أكثر من صلاة في آن واحد فهل آتي بالإقامة لكل صلاة؟ وما هي نصيحتكم لي؟ وجزاكم الله خيرا على خدمة الإسلام والمسلمين.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالاستمناء هو عادة سيئة محرمة، تجب التوبة منها، وقد أحسنت إذ تبت منها، فاحمد الله الذي وفقك لهداه.
والتيمم رخصة لا تناط بالمعاصي عند كثير من أهل العلم، فيرخص هنا لمن احتلم، أو جامع زوجته أن يتيمم إن لم يجد الماء، أو خاف ضررا باستعماله.
وأما من استمنى فيخشى أنه داخل في تلك القاعدة أن الرخص لا تناط بالمعاصي، فقد قال الزركشي ـ رحمه الله تعالى ـ في المنثور في القواعد الفقهية: معنى قول الأئمة أن الرخص لا تناط بالمعاصي أن فعل الرخصة متى توقف على وجود شيء نظر في ذلك الشيء، فإن كان تعاطيه في نفسه حراما امتنع معه فعل الرخصة، وإلا فلا. انتهى.
ويرى بعض أهل العلم أن العاصي إذا لم يستطع استعمال الماء تيمم وصلى، ثم أعاد لتقصيره بترك التوبة، فقد قال السيوطي ـ رحمه الله ـ في الأشباه والنظائر: القاعدة الرابعة عشرة: الرخص لا تناط بالمعاصي ـ ومن ثم لا يستبيح العاصي بسفره شيئا من رخص السفر: من القصر والجمع، والفطر، والمسح ثلاثا، والتنفل على الراحلة، وترك الجمعة، وأكل الميتة، وكذا التيمم، على وجه اختاره السبكي، ويأثم بترك الصلاة إثم تارك لها، مع إمكان الطهارة؛ لأنه قادر على استباحة التيمم بالتوبة، والصحيح أنه يلزمه التيمم لحرمة الوقت، ويلزمه الإعادة لتقصيره بترك التوبة. انتهى.
وأما عن كيفية قضاء الفوائت: فقد تكلمنا على ذلك في عدة فتاوى، وبينا أنك تصلي كل يوم زيادة على الصلوات الخمس الحاضرة في ذلك اليوم ما تستطيع في أي ساعة من ليل أو نهار، ثم تستمر على ذلك حتى تتيقن، أو يغلب على ظنك أنك قد قضيت ما فاتك من الصلوات، قال ابن قدامة ـ رحمه الله ـ في المغني: إذا كثرت الفوائت عليه يتشاغل بالقضاء, ما لم يلحقه مشقة في بدنه، أو ماله, أما في بدنه: فأن يضعف، أو يخاف المرض, وأما في المال: فأن ينقطع عن التصرف في ماله, بحيث ينقطع عن معاشه, أو يستضر بذلك، وقد نص أحمد على معنى هذا، فإن لم يعلم قدر ما عليه، فإنه يعيد حتى يتيقن براءة ذمته، قال أحمد في رواية صالح, في الرجل يضيع الصلاة: يعيد حتى لا يشك أنه قد جاء بما قد ضيع، ويقتصر على قضاء الفرائض, ولا يصلي بينها نوافل, ولا سننها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فاتته أربع صلوات يوم الخندق, فأمر بلالا فأقام فصلى الظهر, ثم أمره فأقام فصلى العصر, ثم أمره فأقام فصلى المغرب, ثم أمره فأقام فصلى العشاء، ولم يذكر أنه صلى بينهما سنة, ولأن المفروضة أهم, فالاشتغال بها أولى, إلا أن تكون الصلوات يسيرة, فلا بأس بقضاء سننها الرواتب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فاتته صلاة الفجر, فقضى سنتها قبلها. انتهى.
وانظر الفتوى رقم: 178233، بعنوان: الصلاة الفائتة هل تقضى على صفتها أم ينظر إلى وقت قضائها، وكذلك الفتوى رقم: 195553، بعنوان: الإقامة للصلوات الفائتة.
وللفائدة يرجى مراجعة الفتاوى التالية أرقامها: 61320، 127637، 132808، 175497، 293563، 277567.
والله أعلم.