السؤال
هل تقبل الشهادة في سبيل الله، لشخص لديه عند الناس حقوق معنوية، ومادية لم يؤدها إليهم. ولأنه لم يستطع أن يعطيهم إياها، ولديه حسنات كثيرة، فهل يأخذ الله عز وجل من حسناته، ويعطيها لهم؟
هل تقبل شهادته؟
وهل الحقوق المالية مثل المعنوية تؤخذ من الحسنات؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالتبعات، وهي حقوق العباد سواء كانت مادية، أو معنوية كالدين وما إليه، لا تغفر للشهيد، كما ثبت في الحديث أن الشهيد يغفر له كل شيء إلا الدين.
قال في المرقاة: (عن عبد الله بن عمرو): بالواو (أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: يغفر للشهيد كل ذنب): أي صغير وكبير (إلا الدين): أراد حقوق الآدميين من الأموال، والدماء، والأعراض، فإنها لا تعفى بالشهادة، كذا ذكره بعض الشراح. انتهى.
وقال التوربشتي: أراد بالدين هنا ما يتعلق بذمته من حقوق المسلمين، إذ ليس الدائن أحق بالوعيد والمطالبة منه، من الجاني والغاصب، والخائن، والسارق. تحفة الأحوذي.
ولكن قد تكون لهذا الشهيد أعمال صالحة تقاوم هذه التبعات، ويبقى له ثواب شهادته.
قال الحافظ في الفتح: وأما الحديث الآخر الصحيح: إن الشهيد يغفر له كل شيء إلا الدين، فإنه يستفاد منه أن الشهادة لا تكفر التبعات، وحصول التبعات لا يمنع حصول درجة الشهادة، وليس للشهادة معنى إلا أن الله يثيب من حصلت له ثوابا مخصوصا، ويكرمه كرامة زائدة. وقد بين الحديث أن الله يتجاوز عنه ما عدا التبعات، فلو فرض أن للشهيد أعمالا صالحة، وقد كفرت الشهادة أعماله السيئة غير التبعات، فإن أعماله الصالحة تنفعه في موازنة ما عليه من التبعات، وتبقى له درجة الشهادة خالصة. فإن لم يكن له أعمال صالحة، فهو في المشيئة. انتهى.
وبه يتبين جواب سؤالك، وأن الحقوق المادية والمعنوية في ذلك سواء، وأن شهادة هذا المقتول في سبيل الله، قد تقبل إن كانت له أعمال صالحة، تقاوم هذه التبعات.
والله أعلم.