السؤال
هناك مسجدان أحدهما يبدأ بعد الآخر ب 10دقائق، وأنا أحب أن أذهب إلى المسجد الأبعد لزيادة الأجر، وبهذا تفوتني ركعة أو اثنتان، ولو ذهبت إلى الأقرب لأدركت الصلاة كاملة، فهل الأفضل أن أصلي مع المسجد الذي يتأخر أم ماذا؟.
وشكرا.
هناك مسجدان أحدهما يبدأ بعد الآخر ب 10دقائق، وأنا أحب أن أذهب إلى المسجد الأبعد لزيادة الأجر، وبهذا تفوتني ركعة أو اثنتان، ولو ذهبت إلى الأقرب لأدركت الصلاة كاملة، فهل الأفضل أن أصلي مع المسجد الذي يتأخر أم ماذا؟.
وشكرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد رجح الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ أن الأفضل هو الصلاة في المسجد الأقرب لعدة أمور, إلا إذا كان الشخص في مكة فليسع للمسجد الحرام, أو كان في المدينة فليذهب للمسجد النبوي, ولو كانا بعيدين, حيث قال في الشرح الممتع: والصواب أن يقال: إن الأفضل أن تصلي فيما حولك من المساجد، لأن هذا سبب لعمارته, إلا أن يمتاز أحد المساجد بخاصية فيه فيقدم، مثل: لو كنت في المدينة، أو كنت في مكة، فإن الأفضل أن تصلي في المسجد الحرام في مكة وفي المسجد النبوي في المدينة, أما إذا لم يكن هناك مزية، فإن صلاة الإنسان في مسجده أفضل، لأنه يحصل به عمارته، والتأليف للإمام وأهل الحي، ويندفع به ما قد يكون في قلب الإمام إذا لم تصل معه، لا سيما إذا كنت رجلا لك اعتبارك, وأما الأبعد فيجاب عن الحديث بأن المراد في قوله عليه الصلاة والسلام: لا يخطو خطوة إلا رفع الله له بها درجة، وحط عنه بها خطيئة ـ أنه في مسجد ليس هناك أقرب منه، فإنه كلما بعد المسجد وكلفت نفسك أن تذهب إليه مع بعده كان هذا بلا شك أفضل مما لو كان قريبا، لأنه كلما شقت العبادة إذا لم يمكن فعلها بالأسهل فهي أفضل، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام لعائشة: إن أجرك على قدر نصبك ـ فالحاصل: أن الأفضل أن تصلي في مسجد الحي الذي أنت فيه، سواء كان أكثر جماعة أو أقل، لما يترتب على ذلك من المصالح، ثم يليه الأكثر جماعة، لقوله عليه الصلاة والسلام: ما كان أكثر فهو أحب إلى الله ـ ثم يليه الأبعد، ثم يليه العتيق، لأن تفضيل المكان بتقدم الطاعة فيه يحتاج إلى دليل بين، وليس هناك دليل بين على هذه المسألة. انتهى.
ومما يزيد رجحان صلاتك في المسجد القريب كونك إذا ذهبت إلى البعيد تفوتك تكبيرة الإحرام التي ثبت الترغيب في إدراكها, إضافة إلى فوات ركعة أو أكثر, فإدراك الصلاة كلها في جماعة أفضل من فوات بعضها, وإدراك أكثرها أفضل من إدراك ما كان أقل منه، فقد جاء في المنتقى للباجي: معنى ذلك أن من أدرك الركعة فقد أدرك الاعتداد بالسجدة، وليست فضيلة من أدرك الركعة دون قراءة كفضيلة من أدرك القراءة من أولها، وأشار من ذلك إلى فضيلة حضور قراءة أم القرآن، لأنها من أعظم فضيلة قراءة الركعة. انتهى.
وفي مرقاة المفاتيح للهروي: وقال الطيبي: أي من أدرك الركوع وفاته قراءة أم الكتاب، وإن أدرك الركعة فقد فاته ثواب كثير ـ وتبعه ابن حجر، وإنما يصح هذا لو كان التأخير بنوع من التقصير، مع أنه لا خصوصية بفوت قراءة الفاتحة، إذ الحكم عام في كل ما يفوت المقتدي. انتهى.
وبناء على ما سبق, فالأفضل لك في هذه الحالة صلاتك في المسجد القريب للأسباب التي تقدم ذكرها.
والله أعلم.