الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلابد من التنبيه أولا على وجوب المحافظة على الصلاة, والحذر من تركها حتى تصير فائتة, فإن الصلاة لها مكانة عظيمة في الإسلام، فهي الركن الثاني منه بعد الشهادتين، وهي أول ما ينظر فيه من أعمال العبد، فمن حافظ عليها فاز ونجا، ومن ضيعها خاب وخسر، وقد ثبت الوعيد الشديد في حق تاركها أو المتهاون بها، قال الله تعالى: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا {مريم:59}. وقال تعالى: فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون {الماعون: 4ـ 5}.
والتكاسل عن قضاء الفوائت إثمه كبير، ولكن تعمد تفويت الصلاة حتى يخرج وقتها أعظم في الإثم، فمن ترك صلاة واحدة منكرا لوجوبها, فهو كافر, وإن تركها كسلا لا جحودا, فقد اختلف أهل العلم هل يعتبر كافرا أم لا، وانظر أقوال أهل العلم في ذلك في الفتوى رقم: 122448.
ولا خلاف بينهم في أن ترك الصلاة أعظم من الزنى وقتل النفس والسرقة وشرب الخمر، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 130853.
وقد ذكرنا حكم قضاء الفوائت في الفتوى رقم: 208486, وهي بعنوان: حكم قضاء الفوائت في المذاهب الأربعة.
ولبيان كيفية قضاء فوائت الصلاة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم:61320, وهي أيضا بعنوان: كيفية قضاء الفوائت.
وفي خصوص ما نسبته للإمام النووي فقد ذكره في المجموع, لكنه لا يعني أن تقديم الطواف على قضاء الفوائت مبطل للحج أو العمرة, بل إن هذا الكلام في خصوص استحباب الطواف لكل داخل للمسجد الحرام إلا في حق من تذكر فائتة مكتوبة, أونحوها من الأمور التي جاءت معها, وقد أشار الحنابلة أيضا إلي هذه المسألة, ففي مطالب أولي النهى للرحيباني الحنبلي: وهو ـ أي: الطواف ـ تحية الكعبة، وتحية المسجد: الصلاة، وتجزئ عنها، أي: عن تحية المسجد ركعتاه، أي: الطواف بعده، وهذا لا ينافي أن تحية المسجد الحرام الطواف، لأنه مجمل، وهذا تفصيله، فإن أقيمت صلاة مكتوبة، أو ذكر فريضة فائتة، أو حضرت جنازة، قدمها على الطواف، لاتساع وقته، وأمن فواته. انتهى.
وقد ذكرنا مبطلات الحج والعمرة, في الفتويين رقم: 61079، ورقم: 56762.
وليس من بينها تقديم الطواف على قضاء الفوائت.
والتكاسل عن قضاء الفوائت في الحضر أو السفر لا يبطل ما فعلته من الحج أو العمرة, لكننا ننصحك بالمحافظة على الصلاة, وعدم التهاون بها, كما ذكرنا سابقا.
والله أعلم.