أحكام من تكلَّم بعد سلامه من الصلاة ناسياً

0 180

السؤال

صليت العصر ثلاث ركعات، ودخل وقت المغرب، ثم تذكرت أنني صليت ثلاثا، فماذا أفعل في حال شغلت في أمور دنيوية وتكلمت بها، وفي حال لم أشتغل بأمور دنيوية؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمن سلم من صلاته قبل تمامها وتذكر بعد سلامه مباشرة أو بوقت قصير عرفا، فإن عليه أن يأتي بما تبقى، وصلاته صحيحة، وأما إن طال الفصل عرفا أو تكلم لغير مصلحة الصلاة، فإن عليه أن يعيدها, جاء في المغني لابن قدامةلو ترك ركعة أو أكثر، فذكر قبل أن يطول الفصل، أتى بما ترك، ولم تبطل صلاته إجماعا، وقد دل عليه حديث ذي اليدين، فإذا ترك ركنا واحدا فأولى أن لا تبطل الصلاة، فإنه لا يزيد على ترك ركعة، والدليل على أن الصلاة تبطل بتطاول الفصل، أنه أخل بالموالاة، فلم تصح صلاته، كما لو ذكر في يوم ثان. اهـ.

وفي زاد المستقنع: وإن سلم قبل إتمامها عمدا بطلت، وإن كان سهوا ثم ذكر قريبا أتمها وسجد، فإن طال الفصل عرفا أو تكلم لغير مصلحتها بطلت، ككلامه في صلبها ولمصلحتها إن كان يسيرا لم تبطل. اهـ.

وفي نهاية المطلب في دراية المذهب: لو نسي ركعة وسلم، ثم تذكر على القرب، فإنه يبني على صلاته، ويعد السلام الجاري في غير محله سهوا مقتضيا للسجود. اهـ.

وعليه؛ فإن كنت قد تذكرت نسيان الركعة بعد وقت قصير دون أن يحصل منك ما ينافي الصلاة فيكفي أن تأتي بها، ويسن لك أن تسجد للسهو، وأما إن طال الفصل عرفا أو فعلت ما ينافي الصلاة كالكلام لغير مصلحتها، فلا بد من إعادتها، وقد صحح بعض أهل العلم عدم البطلان في مثل حالتك بالكلام ونحوه مما ينافي الصلاة، جاء في الشرح الممتع على زاد المستقنع ما نصه: فصل المؤلف ـ رحمه الله ـ في الكلام، وجعله على أقسام، فيما إذا تكلم بعد سلامه ناسيا:

القسم الأول: أن يتكلم لغير مصلحة الصلاة، فهنا تبطل بكل حال.

القسم الثاني: أن يتكلم لمصلحة الصلاة بكلام يسير، كفعل الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة ـ رضي الله عنهم ـ حين قال: أصدق ذو اليدين؟ قالوا: نعم، ومراجعة ذي اليدين له، فهنا لا تبطل، لأنه يسير لمصلحة الصلاة.

القسم الثالث: أن يكون كثيرا لمصلحة الصلاة، فتبطل.

هذا ما قرره المؤلف، وهو أحد الأقوال في هذه المسألة.

والقول الثاني: أن الصلاة لا تبطل بهذه المسائل الثلاث كلها، لأن هذا المتكلم لا يعتقد أنه في صلاة، فهو لم يتعمد الخطأ، وقد قال الله تعالى: وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم {الأحزاب: 5} وهذا هو الصحيح، وكذلك على القول الصحيح لا تبطل بالأكل والشرب ونحوهما ـ إذا سلم ناسيا ـ لأنه لم يتعمد فعل المبطل، فهو جاهل بحقيقة الحال، ولا بغير ذلك مما ينافي الصلاة ويبطلها إلا في الحدث، وذلك لأن الحدث لا يمكن معه بناء بعض الصلاة على بعض، لأنه يقطعها نهائيا. اهـ.

وليس من شك في أن الاحتياط أن تعيد الصلاة خروجا من الخلاف وعملا بقول الجمهور، ومحل ما ذكر إن كنت متيقنا عدم تمام الصلاة، وأما إن كنت شاكا، فإن الشك بعد الفراغ من العبادة لا أثر له، كما بينا في الفتويين رقم: 236629، ورقم: 47932.

والله أعلم.

 

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة